بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الاضاحي من كتاب المحلى لابن حزم الأندلسى
- مسألة - الأضحية سنة حسنة وليست فرضا ومن تركها غير راغب عنها فلا حرج عله في ذلك، ومن ضحى عن امرأته.أو ولده.أو أمته فحسن ومن لا فلا حرج في ذلك، ومن أراد أن يضحى ففرض عليه إذا أهل هلال ذي الحجة أن لا يأخذ من شعره ولا من أظافره شيئا حتى يضحى، لا بحلق، ولا بقص ولا بنورة ولا بغير ذلك، ومن لم يرد أن يضحى لم يلزمه ذلك.
ـ روينا من طريق أبى داود نا عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري نا أبى نا محمد بن عمرو نا عمر بن مسلم (1) سمعت سعيد بن المسيب يقول: سمعت أم سلمة أم المؤمنين تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان له ذبح يذبحه فأهل (2) هلال ذى الحجة فلا يأخذن من شعره، ولا من أظفاره شيئا حتى يضحى).
ـ ومن طريق أحمد بن شعيب انا سليمان بن سلم البلخى ثقة انا النضر بن شميل انا شعبة عن مالك بن أنس عن ابن مسلم (3) عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من رأى هلال ذى الحجة فأراد ان يضحى فلا يأخذن من شعره، ولامن أظفاره حتى يضحى) فقوله عليه السلام (فأراد أن يضحى) برهان بان الأضحية مردودة إلى إرادة المسلم وما كان هكذا فليس فرضا *
وقال أبو حنيفة: الأضحية فرض وعلى المرء أن يضحى عن زوجته فجمع وجوها من الخطأ، أولها إيجابها عليه، ثم إيجابها عليه، ثم إيجابها على امرأته وإذ هي فرض فهي كالزكاة وما يلزم أحد أن يزكى عن امرأته ولا أن يهدى عنها هدى متعة ولاجزاء صيد، ولا فدية حلق الرأس من الأذى (4)، ثم خلاف أمر النبي صلى الله عليه وسلم من أراد أن يضحى أن لا يمس من شعره، ولا من ظفره شيئا كما ذكرنا،
__________
(فان قيل): كيف لا تكون فرضا؟ وأنتم ترون فرضا على من أراد أن يضحى ان لا يمس من شعره، ولا من ظفره إذا أهل هلال ذى الحجة حتى يضحى قلنا: نعم لانه صلى الله عليه وسلم أمر بذلك من أراد أن يضحى ولم يأمر بالاضحية فلم نتعد ما حد، وكل سنة ليست فرضا فان لها حدودا مفروضة لا تكون الا بها كمن أراد ان يتطوع بصلاة ففرض عليه ألا يصيلها الا بوضوء وإلى القبلة إلا أن يكون راكبا وأن يقرأ فيها ويركع.ويسجد.ويجلس ولابد، وكمن أراد أن يصوم ففرض عليه ان يجتنب ما يجتنبه الصائم والا فليس صوما، وهكذا كل (1) تطوع في الديانة، والأضحية كذلك إن أداها كما أمر وإلا فهى شاة لحم وليست أضحية، (فان قيل): فقد جاء (ما حق امرئ له شئ يريد أن يوصى فيه) إلى آخر الحديث ولم يكن هذا اللفظ منه عليه السلام دليلا عندكم على ان الوصية ليست فرضا بل هي عندكم فرض قلنا: نعم لانه قد جاء نص آخر بايجاب الوصية في القرآن والسنة قال تعالى: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين) الآية فأخذنا بهذا ولم يأت نص بايجاب الاضحية، ولو جاء لاخذنا به.واحتجوا باشياء منها خبر من طريق أحمد بن زهير بن حرب عن يحيى بن أيوب عن معاذ بن معاذ عن ابن عون عن أبى رملة (2) عن مخنف بن سليم (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعرفة: استن على كل أهل بيت في كل عام أضحى وعتيرة أتدرون ما العتيرة هي التى يسميها الناس الرجبية).
ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عبد الكريم عن حبيب بن مخنف عن أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بعرفة: (على كل أهل بيت ان يذبحوا في كل رجب شاة وفي كل رجب شاة) ومن طريق محمد بن جرير الطبري نا ابن سنان القزاز نا أبو عاصم عن يحيى بن زرارة بن كريم بن الحارث حدثنى أبى عن جده أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الحجة الوداع: (من شاء فرع.ومن شاء لم يفرع.ومن شاء عتر.ومن شاء لم يعتر وفي الغنم أضحيتها).ومن طريق الطبري أيضا حدثنى أبو عاصم مروان بن محمد الانصاري نا يحيى بن سعيد القطان حدنى محمد بن أبى يحيى حدثنى أمي عن أم بلال الاسلمية قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ضحوا بالجذع من الضأن).ومن طريق وكيع عن اسرائيل عن جابر الجعفي عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أمرت بالأضحية ولم تكتب).ومن طريق ابن لهيعة عن ابن أنعم عن عتبة بن حميد الضبى عن عبادة بن نسى عن عبد الرحمن بن غنم الاشعري عن معاذ بن جبل قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر أن نضحى ويأمر أن نطعم منها الجار والسائل).ومن طريق وكيع نا الربيع عن الحسن (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالاضحية).ومن طريق ابن أخى ابن وهب عن عمه عن عبد الله بن عياش بن عباس القتبانى (1) عن عيسى بن عبد الرحمن عن الزهري عن ابن المسيب عن أبى هريرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من وجد سعة فليضح).
ومن طريق محمد بن عبد الملك بن أيمن نا أبو يحيى بن أبى مسرة نا عبد الله بن يزيد المقرى نا عبد الله بن عياش بن عباس القتبانى حدثنى عبد الرحمن بن هرمز الاعرج عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من وجد سعة فلم يضح فلا يقرب مصلانا) وكل هذا ليس بشئ.
أما حديث مخنف فعن أبى رملة الغامدى.وحبيب بن مخنف وكلاهما مجهول لا يدرى،وأما حديث الحارث فهو عن يحيى بن زرارة عن أبيه، وكلاهما مجهول لا يدرى،وأما حديث أم بلال ففيه أم محمد بن أبى يحيى وهى مجهولة، وأما حديث ابن عياش ففيه جابر الجعفي وهو كذاب، وأما حديث معاذ ففيه ابن لهيعة وابن أنعم وكلاهما في غاية السقوط، وأما حديث الحسن فمرسل،وأما حديث أبى هريرة فكلا طريقيه من رواية عبد الله بن عياش ابن عباس القتبانى فليس معروفا بالثقة
فسقط كل ما موهوا به في ذلك.
وذكروا قول الله تعالى: (فصل لربك وانحر) فقالوا: هو الأضحية.
قال أبو محمد: وهذا قول على الله تعالى بغير علم، وقال تعالى: (وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله مالا تعلمون)، وقد روينا عن على.وابن عباس.وغيرهما أنه وضع اليد عند النحر في الصلاةولعله نحر البدن فيما وجبت فيه كما روينا عنمجاهد.واسماعيل بن أبى خالد وما نعلم أحدا قبلهم قال: إنها الاضاحي.وذكروا أيضا قوله تعالى: (ولكل أمة جعلنا منسكا) وهذا لادليل فيه على الفرض وإنما فيه ان النسك لنا فهو فضل لافرض.وذكروا الخبر الصحيح من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ومن ذبح قبل الصلاة فليعد ذبحا ومن لم يذبح فليذبح على اسم الله).
قال على: أما أمره عليه السلام باعادة الذبح من ذبح قبل الصلاة ففرض عليه لانه أمر منه عليه السلام ولا نكرة في وجود أمر في الدين ليس فرضا ويكون العوض (2) منه فرضا فهم موافقون لنا فيمن تطوع بيوم ليس فرضا فأنفطر عمدا ان قضاءه عليه فرض، ويقولون فيمن حج تطوعا فأفسده: ان قضاءه فرض وانما يراعى أمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فما وجد فيه فرض وما لم يوجد فيه فليس فرضا، وأما قوله عليه السلام: (ومن لم يذبح فليذبح على اسم الله) فالدليل على أنه ليس أمر فرض صحة الاجماع على ان من ضحىببعير فنحره فليس عليه فرضا ان يذبح فصح أنه أمر ندب، بالله تعالى التوفيق.
وممن روينا عنه إيجاب الاضحية مجاهد.ومكحول، وعن الشعبى لم يكونوا يرخصون في ترك الاضحية إلا لحاج، أو مسافر، وروى عن أبى هريرة ولا يصح.
وروينا من طريق عبد الرحمن بن مهدى عن سفيان الثوري عن مطرف بن طريف عن الشعبى عن أبى سريحة حذيفة بن أسيد الغفاري قال: لقد رأيت أبا بكر، وعمر وما يضحيان كراهية أن يقتدى بهما.ومن طريق سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر عن أبى وائل - هو شقيق بن سلمة - عن أبى مسعود عقبة بن عمرو البدرى أنه قال: لقد هممت أن أدع الاضحية وانى لمن ايسركم مخافة أن يحسب الناس أنها حتم واجب.ومن طريق سعيد بن منصور نا أبو الأحوص انا عمران بن مسلم - هو الجعفي - عن سويد بن غفلة قال: قال لى بلال: ما كنت أبالى لو ضحيت بديك ولان آخذ ثمن الاضحية فاتصدق به على مسكين مقتر فهو أحب إلى من أن أضحى، ومن طريق جماد بن سلمة عن عقيل بن طلحة عن زياد بن عبد الرحمن عن ابن عمر قال: الاضحية سنة.ومن طريق شعبة عن تميم بن حويص الازدي قال: ضلت أضحيتى قبل ان أذبحها فسألت ابن عباس؟ فقال: لا يضرك
هذا كله صحيح.
ومن طريق وكيع نا أبو معشر المدينى عن عبد الله بن عمير مولى ابن عباس عن ابن عباس أنه أعطى مولى له درهمين وقال: اشتر بهما لحما ومن لقيك فقل: هذه أضحية ابن عباس.
قال أبو محمد: لا يصح عن أحد من الصحابة أن الاضحية واجبة، وصح أن الاضحية ليست واجبة عن سعيد بن المسيب والشعبى وأنه قال: لان أتصدق بثلاثة دراهم أحب إلى من أن أضحى.
وعن سعيد بن جبير، وعن عطاء.وعن الحسن.وعن طاوس، وعن أبى الشعثاء جابر بن زيد، وروى أيضا عن علقمة.ومحمد بن علىالحسين، وهو قول سفيان.وعبيدالله بن الحسن.والشافعي.وأحمد بن حنبل.واسحق وأبى سليمان:
وهذا مما خالف فيه الحنيفيون جمهور العلماء.
مسألة - ولا تجزى في الاضحية العرجاء البين عرجها بلغت المنسك، أو لم تبلغ، مشت أو لم تمش، ولا المريضة البين مرضها - والجرب مرض - فان كان كل ما ذكرنا لا يبين أجزأ، ولا تجزى العجفاء التى لا تنقي (1)، ولا تجزى التى في أذنها شئ من النقص، أو القطع، أو الثقب النافذ، ولا التى في عينها شئ من العيب، أو في عينيها كذلك، ولا البتراء في ذنبها، ثم كل عيب سوى ما ذكرنا فانها تجزى به الاضحية كالخصى وكسر القرن دمى، أو لم يدم،والهتماء (1) والمقطوعة الالية، وغير ذلك لا تحاش شيئا غير ما ذكرنا.
روينا من طريق عبد الرحمن بن مهدى.ويحيى القطان وغيرهما من أصحاب شعبة كلهم نا شعبة سمعت سليمان بن عبد الرحمن قال: سمعت عبيد بن فيروز أن البراء بن عازب قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أربع لاتجزى في الاضاحي العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها، والكسير التى لا تنقى) قال البراء: فما كرهت منه فدعه ولا تحرمه على أحد: (2).
قال على: التى لا تنقى هي التى لا شئ من الشحم لها فان كان لها منه شئ وان قل اجزأت عنه وان كانت عجفاء *
روينا من طريق أحمد بن شعيب انا محمد بن آدم عن عبد الرحيم (3) - هو ابن سليمان - عن زكريا بن أبى زائدة عن أبى اسحاق السبيعى عن شريح بن النعمان عن على بن أبى طالب (رضى الله عنه) (4) قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لان نستشرف العين والاذن (5) وان لا نضحى بمقابلة.ولا بمدابرة.ولا بتراء.ولا خرقاء).ومن طريق أبى داود نا عبد الله بن محمد النفيلى نا زهير - هو ابن معاوية - نا أبو إسحاق - هو السبيعى - عن شريح بن النعمان - وكان رجل صدق - عن على بن أبى طالب (قال: (6) أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نستشرف العين، والاذن، ولا نضحى بعوراء، ولا مقابلة: ولا مدابرة.ولا خرقاء.ولاشرقاء) قال زهير: قلت لابي اسحاق: ما المقابلة؟ قال: تقطع طرف الاذن، قلت: فما المدابرة؟ قال تقطع مؤخر الاذن، قلت فما الشرقاء؟: قال: تشق الاذن، قلت: فما الخرقاء؟: قال: تخرق أذنها (7) السمة.نا أحمد بن عمر بن أنس نا أبو ذر الهروي نا على بن عمر الدارقطني نا يحيى بن محمد ابن صاعد نا محمد بن عبد الله المخرمى نا أبو كامل مظفر بن مدرك نا قيس بن الربيع عن أبى اسحاق السبيعى عن شريح بن النعمان عن على بن أبى طالب في الاضاحي قال قيس: قلت لابي اسحاق: سمعته من شريح قال: حدثنى عنه سعيد بن أشوع قال الدار قطني: نا على بن ابراهيم عن ابن فارس عن محمد بن اسماعيل البخاري مؤلف الصحيح قال.شريح بن النعمان الصايدى سمع على بن أبى طالب أبو نعيم: ووكيع عن سفيان الثوري عن سعيد بن أشوع عن شريح بن النعمان سمعت على بن أبى طالب يقول: سليمة يقول طائفة من السلف *
روينا من طريق على بن أبى طالب أنه أفتى بهذا وقال في الاضحية: لا مقابلة.ولا مدابرة.ولاشرقاء.سليمة العين والاذن.ومن طريق عمرو بن مرة (1) عن شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود قال: سليم العين والاذن ومن طريق أبى بكر بن أبى شيبة نا ابن علية عن أيوب عن نافع عن ابن عمر في الاضحية أنه كره ناقص الخلق والسن.ومن طريق شعبة عن حماد بن أبى سليمان (2) أنه كره أن يضحى بالابتر.وعن شعبة عن المغيرة عن ابراهيم أنه كره أن يضحى بالابتر، وعن ابن سيرين أنه كره أن يضحى بالابتر،
وأجاز قوم ان يضحى بالابتر واحتجوا باثرين رديئين، أحدهما من طريق جابر الجعفي عن محمد بن قرظة عن سعيد قال: اشتريت كبشا لاضحى به فعدا الذئب على ذنبه فقطعه فسألت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ضح به، والآخر من طريق الحجاج بن أرطاة عن بعض شيوخه ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل أيضحى بالبتراء؟ قال: لا بأس بها، جابر كذاب، وحجاج ساقط.وعن بعض شيوخه ريح، وروى عن ابن عمر.وسعيد بن المسيب وعطاء.وسعيد بن جبير، والحسن، والحكم اجازة البتراء في الاضحية، وعن الحسن أنه حد القطع في الاذن بالنصف فأكثر،
ولابي حنيفة قولان، احدهما ان ذهب من العين أو الاذن، أو الذنب، أو الالية أقل من الثلث أجزأت في الاضحية فان ذهب الثلث فصاعدا لم تجز، والآخر أنه حد ذلك بالنصف مكان الثلث قال: فان خلقت بلا أذن أجزأت، وروى عنه لا تجزى، وقال مالك: ان كان القرن ذاهبا لا يدمى أجزأت فان كان يدمى لم تجز، وقال أبو حنيفة.
ومالك في العرجاء إذا بلغت المنسك: اجزأت.
قال على: هذه أقوال لا دليل على صحة شئ منها، ولا يعرف التحديد المذكور بالثلث، أو النصف في كل ذلك عن أحد قبل أبى حنيفة، وروى عن على من طريق لا تصح في العرجاء إذا بلغت المنسك، وروى عن عمر المنع من العرجاء جملة، ويقال لمن صحح هذا: ان المنسك قد يكون على ذراع وأقل ويكون على فرسخ فأى ذلك تراعون، وروى في الاعضب (3) اثر أنه لا يجزى ولا يصح لانه من طريق جرى بن كليب وليس مشهورا عمن لم يسم عن على، وجاء خبر في أنه لا تجزى المستأصلة قرنها ولا يصح لانه من طريق أبى حميد الرعينى عن أبى مضروهما مجهولان، وحديث آخر في أنه تجزى الجدعاء ولا يصح لانه من طريق جابر الجعفي *
مسألة - ولا تجزى في الاضاحي جذعة ولا جذع أصلا من الضأن ولا من غير الضأن ويجزى ما فوق الجذع.وما دون الجذع والجذع من الضمان، والماعز والظباء والبقر.هو ما أتم عاما كاملا ودخل في الثاني من أعوامه فلا يزال جذعا حتى يتم عامين ويدخل في الثالث فيكون ثنيا حينئذ هكذا قال في الضأن والماعزالكسائي.والاصمعى.وأبو عبيد وهؤلاء عدول أهل العلم فياللغة: وقاله ابن قتيبة وهو ثقة في دينه وعلمه، وقاله العدبس الكلابي، وأبوفقعس الاسدي وهما ثقتان في اللغة، وقال ذلك في البقر والظباء أبو فقعس ولا نعلم له مخالفا من أهل العلم باللغة، والجذع من الابل ما أكمل أربع سنين ودخل في الخامسة فهو جذع إلى أن يدخل السادسة فيكون ثنيا هذا مالا خلاف فيه (1).
روينا من طريق وكيع نا سفيان الثوري عن أبى إسحق السبيعى عن هبيرة بن يريم (2) عن على بن أبى طالب قال: إذا اشتريت اضحية فاستسمن فان أكلت أكلت طيبا وإن أطعمت اطعمت طيبا واشتر ثنيا فصاعدا.ومن طريق عبد الرزاق نا معمر عن ابى اسحاق السبيعى نا هبيرة بن يريم قال: قال على بن ابى طالب: ضحوا بثنى فصاعداوسليم العين والاذن.ومن طريق عبد الرزاق نا سفيان الثوري عن جبلة بن سحيم سمعت ابن عمر يقول: ضحوا بثنى فصاعدا ولا تضحوا بأعور *ومن طريق عبد الرزاق نا مالك عن نافع عن ابن عمر قال: لا تجزى إلا الثنية فصاعدا.ومن طريق سعيد بن منصور انا هشيم انا حصين - هو ابن عبد الرحمن - قال: رأيت هلال بن يساف يضحى بجذع من الضأن فقلت: أتفعل هذا؟ فقال: رأيت أبا هريرة
(1) في هامش السنة رقم 14 حاشية نقلها ناسخها والمصحح لهامن كتاب الايصال مختصرة للامام ابن حزم واتما ما للفائدة انقلها بتمامها، وكذلك يتبين لك قيمة هذا الكتاب واسأل الله سبحانه وتعالى ان يوفقني إلى تحصيله ونشره بين طبقات محيى العلم وهاكها.
اما ولد البقرة فهو في اول سنة تبيع فإذا اتمها فهو جذع في الثانية، وفى الثالثة ثنى فإذا دخل في الرابعة فهو رباع، وفى الخامسة سديس.وفى السادسة سالغ - أو سالغ - يقال صالغ سنة وصالغ سنة وصالغ سنتين وصالغ ثلاث.وكذلك ما زاد،
واما ولد الغنم فحين تلده امه سخلة ذكرا كان أو انثى والجمع سخال ثم هو بهمة، والجمع بهم فإذا بلغت اربعة اشهر وفطمت عن امها فالانثى من الماعز جفرة والذكر جفر فإذا رعى فهو عريض والجمع عرضات وعتود والجمع عتدان والذكر منه في كل ذلك جدى والانثى عناق فإذا اتم حولا فهو تيس والانثى عنز فإذا دخل في السنة الثانية فهو جذع والانثى جذعة وفى الثالثة الذكر ثنى والانثى ثنية وفى الرابعة الذكر رباع والانثى رباعة وفى الخامسة الذكر والانثى سديس وفى السادسة سالغ الذكر والانثى سواء وليس اسم بعد هذا،
واما الابل فهو في ابتدائه في السنة الثانية ابن مخاض وبنت مخاض وفى الثالثة ابن لبون وبنت لبون، وفى الرابعة حق وحقة وفى الخامسة جذع وجذعة وفى السادسة ثنى وثنية والله اعلم (2)
يضحى بجذع من الضأن، فهذا حصين قد انكر الجذع من الضأن في الاضحية.ومن طريق ابن ابى شيبة نا ابن علية عن يونس بن عبيد عن الحسن البصري قال: يجزى ما دون الجذع ما الابل عن واحد في الاضحية.ومن طريق ابى بكر بن ابى شيبة نا وكيع عن سفيان الثوري عن ابى معاذ عن الحسن قال.يجزى الحوار عن واحد يعنى الاضحية.والحوار هو ولد الناقة ساعة تلده.وبرهان صحة قولنا هذا ما رويناه من طريق مسلم نا يحيى بن يحيى أنا هشيم عن داود ابن أبى هند عن الشعبى عن البراء بن عازب فذكر الحديث وفيه (ان خاله أبا بردة.قال: يارسول الله ان عندي عناق لبن وهى خير من شاتى لحم قال (1): هي خير نسيكتيك (2)ولا تجزى جذعة عن أحد بعدك).ومن طريق شعبة عن زبيد بن الحارث اليامى عن الشعبى عن البراء أن أبا بردة قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (عندي جذعة خيرمن مسنتين (3) قال: اذبحها ولن تجزى عن أحد بعدك).وهكذا رويناه من طريق عاصم الاحول عن الشعبى ان البراء حدثه بذلك.ومن طريق أبى عوانة عن فراس عن الشعبى عن البراء أيضا.ومن طريق شعبة عن سلمة بن كهيل عن أبى جحيفة عن البراء بن عازب، فقطع عليه السلام ان لا تجزى جذعه عن أحد بعد أبى بردة فلا يحل لاحد تخصيص نوع دون نوع بذلك، ولو ان ما دون الجذعة لا يجزى لبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم المأمور بالبيان من ربه تعالى: (وما كان ربك نسيا)، وبالله تعالى التوفيق.فان اعترض بعض المتعسفين فقال: ان حدث أبى بردة هذا قد رواه منصور بن المعتمر عن الشعبى عن البراء فقال فيه: (ان عندي عناقا جذعة فهل تجزى عنى؟ قال: نعم ولن تجزى عن أحد بعدك) قلنا.نعم والعناق اسم يقع على الضانية كما يقع على الماعزة ولا فرق، وقال العد بس الكلابي.وأبوفقعس الاسدي وكلاهما مما نقل الائمة عنهما اللغة: الجفر.والعناق.والجدى من أولاد الماعز إذا بلغ أربعة أشهر وكذلك من أولادالضأن.(فان قالوا): فان مطرف بن طريف رواه عن الشعبى عن البراء فذكر فيه (ان أبا بردة قال: يا رسول الله ان عندي داجنا جذعة من المعز قال: اذبحها ولا تصلح لغيرك)، قلنا: نعم ولا خلاف في ان هذا كله خبر واحد عن قصة واحدة في موطن واحد فرواية من روى عن البراء قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تجزى جذعة عن أحد بعدك) هي الزائدة ما لم يروه من لم يرو هذه اللفظة، وزيادة العدل خبر قائم بنفسه وحكم وارد لا يسع أحداتركه، وانما يحتج برواية مطرف هذا من لم يمنع من الجذع إلا من الماعز فقط، وأمامن منع من الجذاع كلها مما عدا الضأن فلا حجة له في شئ من هذا الخبر بل هو حجة عليه، وبالله تعالى التوفيق كما ان هذا الخبر نفسه قد رواه زكريا عن فراس عن الشعبى عن البراء أن أبا بردة قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان عندي شاة خير ما شاتين قال: ضح بها فانها خير نسيكة) ولم يذكر أنها لا تجزى عن أحد بعدك، وكذلك روايتنا من طريق سفيان بن عيينة عن أيوب السختيانى عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك فذكر هذا الخبر نفسه وان ذلك القائل قال: (يا رسول الله عندي جذعة هي أحب إلى من شاتى لحم أفأذبحها؟) فرخص له قال أنس: فلا أذرى ابلغت رخصة من سواه أم لا؟ فلم يجعل المخالفون سكوت زكريا عما زاده غيره من بيان أنه خصوص ولا سكوت أنس عن ذلك أيضا، ومغيب ذلك عنه حجة في رد الزيادة التى ذكرها (1) غيرهما فما الذى جعل هذه الزيادة واجبا اخذها وزيادة من زاد لفظة الجذعة لا يجب أخذها؟ ان هذا لتحكم في الدين بالباطل، ونعوذ بالله من هذا.
قال أبو محمد: وقد جاء خبر يمكن ان يشغب به وهو ما رويناه من طريق مسلم نا نصر ابن على الجهضمى نا يزيد بن زريع نا عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين عن عبد الرحمن ابن أبى بكرة عن أبيه قال: (لما كان ذلك اليوم قعد النبي صلى الله عليه وسلم على بعيره وقال: أتدرون أي يوم هذا؟) (2) وذكر الحديث وفيه (أنه عليه السلام قال: أليس بيوم النحر؟ قالوا: بلى) (3)، ثم ذكر الحديث وفيه (ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما والى جذيعة (4) من الغنم فقسمها بيننا).قال على: ليس فيه أنه اعطاهم اياها ليضحوا بها ولا أنهم ضحوا بها وانما فيه أنه عليه السلام قسمها بينهم والكذب لا يحل، وأيضا فاسم الغنم يقع على الماعز كما يقع على الضأن فان كان حجة لهم في إباحة التضحية بالجذاع من الضأن فهو حجة في إباحة التضحية بالجذاع من المعز، وان لم يكن حجة في اباحة التضحية بالجذاع من الماعز فليس حجة في إباحة التضحية بجذاع الضأن، والنهى قد صح عاما في ان لا تجزئ جذعة بعد أبى بردة.وخبر آخر نذكره أيضا (5) وهو ما ريناه من طريق مسلم نا أحمد بن يونس نا زهيرابن معاوية نا أبو الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تذبحوا الا مسنة إلا أن تعسر (6) عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن).قال أبو محمد: هذا حجة على الحاضرين من المخالفين لانهم يجيزون الجذع من الضأن
مع وجود المسنات فقد خالفوه وهم يصححونه وأما نحن فلا نصححه لان أبا الزبير مدلس ما لم يقل في الخبر أنه سمعه من جابر هو أقر بذلك على نفسه روينا ذلك عنه من طريق الليث بن سعد، ثم لو صح لكان خبر البراء ناسخا له لان قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تجزى جذعة عن أحد بعدك) خبر قاطع ثابت ما دامت الدنيا ناسخ لكل ما تقدم لا يجوز نسخه لانه كان يكون كذبا ولا ينسب الكذب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الا كافر.
واحتج من أجاز الجذاع من الضأن بخبر رويناه من طريق ابن وهب عن عمرو ابن الحارث عن بكير بن الاشج عن معاذ بن عبد الله بن حبيب عن عقبة بن عامر قال: ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بجذاع من الضأن.ومن طريق وكيع عن أسامة ابن زيد عن معاذ بن عبد الله بن خبيب عن سعيد بن المسيب عن عقبة بن عامر (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجذع من الضان؟ فقال: ضح به).وبخبر رويناه من طريق يحيى بن سعيد القطان عن محمد بن أبى يحيى عن امه عن أم بلال الاسلمية شهد أبوها الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضحوا بالجذع من الضأن فانه جائز).ومن طريق الحجاج بن ارطاة عن ابن النعيمان (1) عن بلال بن أبى الدرداء عن أبيه (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين جذعين).ومن طريق الحجاج بن أرطاة عن أبى جعفر (ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين جذعين).ومن طريق وكيع عن عثمان ابن واقد عن كدام بن عبد الرحمن عن أبى كباش ان أبا هريرة قال له: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: نعم أو نعمت الاضحية الجذع من الضأن).ومن طريق هشام بن سعد (2) عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبى هريرة ان جبريل قال للنبى صلى الله عليه وسلم: (يا محمدان الجذع من الضأن خير من السيد من المعز)، وذكر باقى الخبر.
ومن طريق سعيد بن منصور عن عيسى بن يونس عن اسمعيل بن رافع عن شيخ من أهل حمص (ان النبي صلى الله عليه وسلم وسلم قال: (قال لى جبريل: يا محمد ان الجذع من الضأن خير من المسن من المعز) وذكر باقى الخبر.ومن طريق ابن أبى شيبة عن ابن مسهر عن ابن أبى ليلى عن الحكم عن عبادة ابن أبى الدرداء عن أبيه (ان النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين جذعين).ومن طريق سليمان بن موسى عن مكحول ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فضحوا بالجذعة من الضأن والثنية من المعز).قال أبو محمد: لا يحتج بهذه الاثار الا قليل العلم بوهيها فيعذر، أو قليل الدين يحتج بالاباطيل التى لا يحل أخذ الدين بها.
أما حديث عقبة بن عامر الذى صدرنا به فمن طريق معاذ بن عبد الله ابن خبيب وهو مجهول، ورواية ابن وهب له غير مسندة لانه ليس فيه ان النبي صلى الله عليه وسلم عرف ذلك،وهم لا يجعلون قول اسماء بنت الصديق نحرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا فأكلناه مسندا، ولا قول جابر: كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مسندا، ولا قول ابن عباس: ان طلاق الثلاث كان يرد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الواحدة مسندا، وكلها في غاية الصحة، ويقولون: ليس فيها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرف ذلك، ثم يجعلون هذا الخبر الساقط الواهي مسندا، وهذا قلة حياء واستخفاف بالكلام في الدين، وهو من طريق وكيع من رواية أسامة ابن زيد وهو ضعيف جدا عن مجهول.وأما حديث أم بلال فو عن أم محمد بن أبى يحيى ولا يدرى من هي عن أم بلال وهى مجهولة ولا ندرى لها صحبة أم لا؟.وحديث أبى الدرداء وأبى جعفر كلاهما من طريق الحجاج بن ارطاة وهو هالك، وطريق أبى هريرة الاولى اسقطها كلها وفضيحة الدهر لانه عن عثمان بن واقد وهو مجهول عن كدام بن عبد الرحمن ولا ندرى من هو؟ عنأبى كباش الذى جلب الكباش الجذعة إلى المدينة فبارت عليه هكذا نص حديثه، وهنا جاء ما جاء أبو كباش وما أدراك ما أبو كباش ما شاء الله كان، وكذلك خبر الشيخ من أهل حمص وكفاك به.ومن طريق أبى هريرة الاخرى من طريق هشام بن سعد وهو ضعيف.وحديث مكحول مرسل.وحديث أبى الدرداء من طريق ابن أبى ليلى وهو سئ الحفظ، ثم لو صحت كلها بالاسانيد التى لا مغمز فيها لما كان لهم في شئ منها حجة لان الأضحية كانت مباحة في كل ما كان من الانعام بلا شك، وقد كان نزل حكمها بلا شك من أحد قبل قصة أبى بردة، وضحى أبو بردة وقوم معه بيقين قبل ان يقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تجزى جذعة عن أحد بعدك فلو صحت هذه الاخبار كلها لكان قوله عليه السلام لا تجزى جذعة عن أحد بعدك ناسخا لها بلا شك، ومن ادعى عودة حكم المنسوج فقد كذب إلا أن يأتي على ذلك ببرهان فكيف وكلها باطل لا خير في شئ منها؟.وذكروا عن بعض السلف اجازة الاضحية بالجذع من الضأن فذكروا عن جعفر بن محمد عن أبيه ان على بن أبى طالب قال: يجزى من الضأن الجذع، وعن حبة العرنى عن على مثله مع رواية جعفر بن محمد عن أبيه ان عليا قال: يجزى من البدن والبقر ومن المعز الثنى فصاعدا.وعن ابن عمر لان أضحى بجذعة سمينة أحب إلى من ان أضحى بجداء (1).ومن طريق سعيد ابن منصور نا خالد بن عبد الله - هو الطحان - عن عبد العزيز بن حكيم سمعت ابن عمر يقول: لان أضحى بجذعة سمينة عظيمة تجزى في الصدقة أحب إلى من ان أضحى بجذع المعز مع قوله: لا تجزى الا الثنية من الابل.والبقر.وعن أم سلمة لان أضحى بجذع من الضأن احب إلى من ان اضحى بمسن من المعز.وعن أبى هريرة لا بأس بالجذع من الضأن في الاضحية.وعن عمران ابن الحصين انى لا ضحى بالجذع من الضأنوانها لتروج على ألف شاة.وعن ابن عباس لا بأس بالجذع من الضأن، فهم ستة من الصحابة.وروينا إجازة الجذع من الضأن في الاضحية عن هلال ابن يساف وعن كعب.وعطاء وطاوس وابراهيم.وأبى رزين.وسويد بن غفلة فهم سبعة من التابعين، وقال ابراهيم: لا يجزى من الماعز الا الثنى فصاعدا، وهو قول أبىحنيفة.ومالك.والشافعي.قال أبو محمد: كل هذا لا حجة لهم فيه، أما الرواية عن على فمنقطعة، والاخرى واهية، ثم ليس فيها المنع منالتضحية بالجذع من الماعز ولامن الابل.والبقر، ثم لو صحت لكنا قد روينا عنه خلافها كما قدمنا قبل، وإذا وجد خلاف من الصحابة فالواجب الرد إلى القرآن والسنة.وأما ابن عمر فلا حجة لهم فيه بل هو عليهم لانه ليس في هذه الرواية عنه إلا اختيار الضأن على الماعز فقط والمنع مما دون الثنى من الابل والبقر فقط لا من الماعز، وقد روينا عنه قبل خلاف هذا كما أوردنا فهو اختلاف من قوله وإذا جاء الاختلاف عن الصحابة رضى الله عنهم فقد وجب الرد إلى القرآن والسنة كما أمر الله عزوجل، وأما الرواية عن أم سلمة أم المؤمنين فانما فيها إختيار الجذع من الضأن وليس فيها المنع من الجذع من غير الضأن وكذلك عن سائر من ذكرنا من الصحابة رضى الله عنهم فكيف ولا حجة في قول احد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وكم قصة خالفوا فيها جمهور العلماء؟ كما ذكرنا في غير ما مسألة، ومن العجب ان الرواية صحت عن ابن عباس.وجابر.وابن مسعود.وزيد بن ثابت بان العمرة فرض كالحج! ولم يصح عن أحد من الصحابة رضى الله عنهم خلاف لهم فجعلوا قول ابن عمر (بنى الاسلام على خمس) فذكر فيهن الحج ولم يذكر العمرة خلافا في ذلك، ثم لا يجعلون تصريحه بان ما دون الجذع لا يجزى خلافا في ذلك، وقد اشار قوم من الصحابة والتابعين رضى الله عنهم ان يضحى بالجذع من الماعز وبالجذع من الابل والبقر كما نورد إن شاء الله تعالى، وجاءت بذلك آثار عن النبي صلى الله عليه وسلم نوردها ان شاء الله تعالى لنرى من نصح نفسه أنه لاحجة للحنيفيين.والمالكيين.والشافعيين أصلا في إجازتهم الجذع من الضأن ومنعهم من الجذع من الابل.والبقر.والماعز.روينا من طريق أبى بكر بن أبى شيبة نا عبد الله بن نمير عن محمد بن اسحاق عن عمارة - هو ابن
عبد الله بن طعمة - عن سعيد بن المسيب عن زيد بن خالد الجهنى قال: (قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه ضحايا فاعطاني عتودا من المعز.فجئت به النبي صلى الله عليه وسلم فقلت:إنه جذع فقال: ضح به).ومن طريق البخاري ومسلم جميعا قال البخاري نا عمرو بن خالد، وقال مسلم: نا محمد بن رمح، ثم اتفق عمرو.وابن رمح على ان الليث بن سعد أخبرهما عن يزيد - هو ابن أبى حبيب - عن أبى الخير عن عقبة بن عامر قال: ان النبي صلى الله عليه وسلم اعطاه غنما يقسمها بين أصحابه فبقى عتود (1) فذكره لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: له ضح أنت به) هذا لفظ عمرو ولفظ ابن رمح (ضح به أنت).قال أبو محمد: العتود هو الجذع من المعزبلا خلاف وهذان خبران في غاية الصحة، وقد اجاز التضحية بالجذع من المعز فيهما أثنان من الصحابة عقبة بن عامر.وزيدبن خالد، وقد ذكرنا قبل عن أم سلمة أم المؤمنين.وابن عمر جواز الجذع من المعزفى الا ضحية وان كان غيره خيرامنه،.(فان قالوا): هذا منسوخ بخبر البراء قلنا: خبر البراء لا دليل فيه على تخصيص الجذع من المعز دون الجذع من الضأن.والابل.
والبقر بالمنع الا بدعوى كاذبة (2).وأما الآثار التى فيها إباحة التضحية بالجذع جملة من كل شئ فروينا عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن عاصم بن كليب عن أبيه قال: كنا مع رجل من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وسلم يقال له: مجاشع من بنى سليم فأمر مناديا ينادى (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: الجذع توفى مما توفى منه الثنية).ومن طريق أبى الجهم نا يوسف - هو ابن يعقوب القاضى - نا أبو الربيع - هو الزهراني - نا حبان بن على عن عاصم بن كليب عن أبيه قال: كنا يؤمر علينا في المغازى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر علينا رجل من الانصار فقال: ان شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا اليوم يعنى يوم النحر فطلبنا المسن فغلت علينا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان الجذع يفى مما يفى منه المسن).قال أبو محمد: الحديث الاول في غاية الصحة.ومجاشع السلمى - هو مجاشع بن مسعود - مشهور من فضلاء الصحابة ممن أسلم، وانفق، وقاتل قبل فتح مكة،وهو فتح كرمان، ورواته كلهمثقات مشاهير، والآخر جيد صحيح (3) لان أمير العسكر لاتخفى صحة صحبته من بطلانها.وقد روينا من طريق معمر عن أيوب السختيانى عن ابن سيرين عن عمران بن الحصين قال: لان اضحى بجذع أحب إلى من ان اضحى بهرم الله احق بالغنى، والكرام وأحبهن إلى ان اضحى به أحبهن إلىبأن اقتنيه.وقد ذكرنا قبل عن ابن عمر لان اضحى بجذعة عظيمة تجوز في الصدقة أحب إلى من أن أضحى بجداء فهذا عموم في الجذع.ومن طريق وكيع.ويحيى بن سعيد القطان قالا جميعا: نا على بن المبارك عن أبى السوية التميمي قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال على بدنة أتجزى عنى جذعة قال: نعم، وفي رواية وكيع جذعة من الابل قال: نعم.ومن طريق وكيع نا عمر بن ذر الهمداني قلت لطاوس: يا أبا عبد الرحمن انا ندخل السوق فنجد الجذع من البقر السمين العظيم فنختار الثنى لسنه فقال طاوس: أحبهما إلى اسنهما واعظمهما (1).
ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن عبد الله بن طاوس عن أبيه قال: يجزى الثنى من المعز والجذع من الضأن، والجذع من الابل، والبقر يعنى في الاضاحي.ومن طريق وكيع نا سفيان عن ابن جريج عن عطاء بن أبى رباح قال: يجزى الجذع عن سبعة.ومن طريق عبد الرزاق ابن جريج عن عطاء قال: يجزى من الابل الجذع فصاعدا.ومن طريق ابن أبى شيبة نا ابن علية عن يونس بن عبيد (2) عن الحسن البصري أنه قال كان يقول: يضحى بالجذع من الابل، والبقر عن ثلاثة وما دون الجذع من الابل عن واحد، فهذه أسانيد في غاية الصحة.وعن طاوس.وعطاء.والحسن في جواز الجذع من الابل، والبقر فيالاضاحي.وعن ابن عباس جواز الجذع من الابل في البدن، (فان قيل): قد روى عن عطاء كراهة ذلك قلنا: رواه الحجاج بن أرطاة وهو ساقط، ولا يعارض به ابن جريج الا جاهل.قال أبو محمد: والناسخ لهذا كله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تجزى جذعة عن أحد بعدك)، ومن الباطل البحت ان يجعل هذا القول ناسخا لاباحة بعض الجذاع دون بعض، والعجب أنهم لم يجدوا في النهى عن الجذاع من الابل والبقر خبرا أصلا الا هذا اللفظ فمن أين خصوا به جذاع الابل والبقر دون جذاع الضأن (فان قالوا): قسنا جذاع الابل والبقر على جذاع الماعز قلنا: وهلا قستموها على جذاع الضأن الجائزة عندكم وما الذى جعل قياس الابل والبقر على الماعز أولى من قياسها على الضأن؟ لا سيما والجذع عندكم من الابل والبقر يجزيان في الزكاة فهلا قستم جوازها في الاضحية على جوازها في الزكاة فلاح أنهم لا النص اتبعوا، ولا القياس عرفوا وبالله تعالى التوفيق.ويقولون أيضا: ان ولدت الاضحية الشاة، أو الماعز، أو البقرة أو الناقة ضحى بولدها معها فتناقضوا وأجازوا في الاضيحة الصغير جدا، (فان قالوا): انما هو تبع قلنا: هذا كلام فاسد لا معنى له، وعرفونا ما معنى تبع اهو بعضها فهذا كذب بالعيان بل هو غيرها وهو ذكرو هي أنثى وان كان غيرها فهو قولنا ولا فضل في ذلك.
- مسألة - قال على: ذكرنا في أول كلامنا ههنا في الاضاحي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أراد أن يضحى أن لا يمس من شعره ولا من أظافره شيئأ، ولم نذكر اعتراض المخالفين في ذلك بالنسيان فاستدر كنا ههنا ماروى عن أم سلمة أم المؤمنينأنها أفتت بذلك.ونا حمام نا عباس بن أصبغ نا محمد بن عبد الملك بن أيمن نا بكربن حماد نا مسدد نا يزيد بن زريع نا سعيد بن أبى عروبة نا ابن أبى كثير - هو يحيى - أن يحيى بن يعمر كان يفتى بخراسان ان الرجل إذا اشترى أضحية، ودخل العشر ان يكف عن شعره، واظفاره حتىيضحى، قال سعيد: قال قتادة: فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب فقال: نعم فقلت: عمن يا أبا محمد؟ قال: عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.قال مسدد: ونا المعتمر بن سليمان التيمى سمعت أبى يقول: كان ابن سيرين يكره إذا دخل العشر أن يأخذ الرجل من شعره حتى يكره ان يحلق الصبيان في العشر، وهو قول الشافعي.وأبى ثور.وأحمد.واسحاق.وأبى سليمان، وهو قول الأوزاعي:، وخالف ذلك أبو حنيفة.ومالك وما نعلم لهما (1) حجة أصلا الا ان بعضهم ذكر ما روينا من طريق مالك عن عمارة بن عبد الله بن صياد عن سعيد بن المسيب انه كان لا يرى بأسا بالاطلاء في العشر قالوا: وهو راوي هذا الخبر.وما روينا من طريق عكرمة انه ذكر له هذا الخبر فقال.فهلا اجتنب النساء، والطيب وما نعلم لهم غير هذا أصلا، وهذا كله لا شئ، أما الرواية عن سعيد انه كان لا يرى بأسا بالاطلاء في العشر فالاحتجاج به باطل لوجوه، أو لها انه لا حجة في قول سعيد وانما الحجة التى ألزمناها الله تعالى فهى روايته ورواية غيره من الثقات، وثانيها انه قد صح عن سعيد خلاف ذلك مما ذكرنا قبل وهو أولى بسعيد، وثالثها انه قد يتأول سعيد في الاطلاء انه بخلاف حكم سائر الشعر وان النهى انما هو شعر الرأس فقط، ورابعها ان يقال لهم: كما قلتم لما روى عن سعيد خلاف هذا الحديث الذى روى دل على ضعف ذلك الحديث لانه لا يدع ما روى الا لما هو أقوى عنده منه، فالاولى بكم أن تقولوا لما روى سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه رضى الله عنهم خلاف ما روى عن سعيد: دل ذلك على ضعف تلك الرواية عن سعيد إذ لا يجوز ان يفتى بخلاف ما روى، فهذا اعتراض أولى من اعتراضكم، وخامسها انه قد يكون المراد بقول سعيد في الاطلاء في العشر انما أراد عشر المحرم لا عشر ذى الحجة وإلا فمن أين لكم انه أراد عشر ذى الحجة؟ واسم العشر يطلق على عشر المحرم كما يطلق على عشر ذى الحجة.وسادسها ان نقول: لعل سعيدا رأى ذلك لمن لا يريد أن يضحى فهذا صحيح، وأماقول عكرمة ففاسد لان الدين لا يؤخذ بقول عكرمة ورأية انما هذا منه قياس والقياس
كله باطل، ثم لو صح القياس لكان هذا منه عين الباطل لانه ليس إذا وجب ان لا يمس الشعر والظفر بالنص الوارد في ذلك يجب ان يجتنب النساء، والطيب كما انه إذا وجب اجتناب الجماع والطيب لم يجب بذلك اجتناب مس الشعر والظفر، فهذا الصائم فرض عليه اجتناب النساء ولا يلزمه اجتناب الطيب ولا مس الشعر والظفر وكذلك المعتكف، وهذه المعتدة يحرم عليها الجماع والطيب ولا يلزمها اجتناب قص الشعر والاظفار، فظهر حماقة قياسهم وقولهم في الدين بالباطل، وهذه فتيا صحت عن الصحابة رضى الله عنهم ولا يعرف فيها مخالف منهم لهم فخالفوا ذلك برأيهم، ورواه مالك مرسلا فخالفوا المرسل والمسند، وبالله تعالى التوفيق.
- مسألة - والاضحية جائزة بكل حيوان يؤكل لحمه من ذىأربع أو طائر كالفرس والابل.وبقر الوحش.والديك.وسائر الطير والحيوان الحلال أكله.والافضل في كل ذلك ما طاب لحمه وكثر وغلا ثمنه، وقد ذكرنا في أول كلا منا في الاضاحي قول بلال: ما أبالى لو ضحيت بديك، وعن ابن عباس في ابتياعه لحكا بدر همين وقال: هذه أضحية ابن عباس، وروينا أيضا من طريق وكيع عن كثير بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس، وكثير بن زيد هذا هو الذى عولوا عليه في احتجاجهم بالاثر الذى لا يصح (المسلمون عند شروطهم) وثقوه هنالك ولم يروه غيره، والحسن بن حى يجيز الاضحية ببقرة وحشية عن سبعة، وبالظبي أو الغزال عن واحد، وأجاز أبو حنيفة وأصحابه التضحية بما حملت به البقرة الانسية من الثور الوحشى، وبما حملت به العنز من الوعل، وقال مالك: لا تجزى الا من الابل والبقر.والغنم.ورأى مالك النعجة.والعنز.والتيس أفضل من الابل.والبقر في الاضحية وخالفه في ذلك أبو حنيفة والشافعي فرأيا الابل أفضل، ثم البقر، ثم الضأن، ثم الماعز وما نعلم لهذاالقول حجة فنوردها أصلا إلا أن يدعوا إجماعا في جوازها من هذه الانعام والخلاف في غيرها فهذا ليس بشئ ويعارضون بما صح في ذلك عن بلال ولا يعرف له في ذلك مخالف من الصحابة رضى الله عنهم، وهذا عندهم حجة إذا وافقهم، وأما مراعاة الاجماع فيؤخذ به ويترك ما اختلف فيه فهذا يهدم عليهم جميع مذاهبهم الا يسيرا جدا منها ويلزمهم ان لا يوجبوا في الصلاة.أو الصوم.والحج.والزكاة.
والبيوع إلا ما أجمع عليه وفى هذا هدم مذهبهم كله.
قال أبو محمد: وأما (1) المردود إليه عند التنازع فهو ما افترض الله تعالى الرد إليه فوجدنا النصوص تشهد لقولنا، وذلك ان الاضحية قربة إلى الله تعالى فالتقرب إلى الله تعالى - بكل ما لم يمنع منه قرآن ولا نص سنة - حسن، وقال تعالى: (وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) والتقرب إليه عزوجل بما لم يمنع من التقرب إليه به فعل خير *
نا يونس بن عبد الله بن مغيث نا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم نا أحمد بن خالد نا محمد بن عبد السلام الخشنى نا محمد بن بشار بندار (1) نا صفوان بن عيس نا ابن عجلان عن أبيه عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل المهجر إلى الجمعة كمثل من يهدى بدنة، ثم كمن يهدى بقرة ثم كمن يهدى شاة، ثم مثل من يهدى دجاجة، ثم كمثل من يهدى عصفورا، ثم كمثل من يهدى بيضة).وروينا من طريق مالك عن سمى مولى أبى بكر عن أبى صالح السمان عن أبى هريرة (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من اغتسل يوم الجمعة ثم راح فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة).ففى هذين الخبرين جواز هدى دجاجة وعصفور وتقريبهما وتقريب بيضة، والاضحية تقريب بلا شك وفيهما أيضا فضل الاكبر فالاكبر جسما فيه ومنفعة للمساكين ولا معترض على هذين النصين أصلا *قال أبو محمد: ومن البرهان على ان الابل والبقر أفضل من الغنم الخبر الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روينا من طريق البخاري، والخبر الذى أوردنا في المسألة التالية لهذه ففيها أمره عليه السلام في الاضاحي بالنحر، ولا يخلو هذا من ان يكون عليه السلام أمر بالنحر في الابل والبقر، أو في الغنم فان كان أمر بذلك في الغنم فهذا مبطل لقول مالك: ان النحر في الغنم لا يحل ولا يكون ذكاة فيها وان كان أمر بذلك عليه السلام في الابل والبقر والغنم لحسن المحال الباطل الممتنع بيقين لا شك فيه أن يكون عليه السلام يحض أمته وأصحابه على التضحية بالابل والبقر مع عظيم الكلفة فيها وغلو اثمانها ويتركون الارخص والاقل ثمنا وهو أفضل، وهذه اضاعة المال التى حرمها الله تعالى وانما التضحية بالغنم ضأنها وما عزها رفق بالناس لقلة اثمانها وتفاهة أمرها وتخفيف لهم بذلك عن الافضل الذى هو أشتى في النفقة لله عزوجل، هذا مما لاشك فيه.واحتج من رأى ان الضان أفضل بخبر رويناه من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبى هريرة (ان جبريل قال للنبى صلى الله عليه وسلم يوم الاضحى: يا محمد ان الجذع من الضأن خير من السيد (2) من المعز وان الجذع من الضأن خير من السيد من البقر وان الجذع من الضأن خبر من السيد من الابل ولو علم الله ذبحا هو أفضل منه لفدى به ابراهيم عليه السلام) *وبخبر رويناه من طريق عبد الرزاق عن معمر عن يحيى بن أبى كثير عن محمد بن عبد الرحمن ابن ثوبان قال: (مر النعمان بن أبى فطيمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبش أقرن أعين فقال عليه السلام: ما أشبه هذا الكبش بالكبش الذى ذبح ابراهيم عليه السلام).وروى نحوه من طريق زيادة بن ميمون عن أنس *
وبخبر رويناه من طريق وكيع عن هشام بن سعد عن حاتم بن أبى نصر عن عبادة بن نسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خيرالاضحية الكبش).قال أبو محمد: هذه أخبار مكذوبة، أما خبر أبى هريرة.وعبادة بن نسى فعن هشام بن سعد وهو ضعيف جدا ضعفه جدا واطرحه أحمد وأساء القول فيه جدا ولم بحز الرواية به عنه يحيى بن سعيد، وزياد بن ميمون مذكور بالكذب.وخبر عبد الرزاق عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان وهو ضعيف ومرسل مع ذلك، وأيضا ففى الخبر المنسوب إلى أبى هريرة كذب ظاهر وهو قوله: انه فدى الله به ابراهيم (1) ولم يفد ابراهيم بلا شك وانما فدى ابنه، وأما الاحتجاج بأنه فدى الذبيح بكبش فباطل ماصح ذلك قط، وقد قيل: انه كان أروية (2)، وهبك لو صح فليس فيه فضل سائر الكباش على سائر الحيوان، ولاكان أمر ابراهيم عليه السلام أضحية فلا مدخل للاضاحي فيه، وقد قال تعالى: (أن الله يأمركم ان تذبحوا بقرة) إلى قوله تعالى: (فقلنا: اضربوه ببعضها كذلك يحيى الله الموتى ويريكم آياته) فينبغي على هذا أن يكون البقر أفضل من الضأن بهذه الآية البينة الواضحة لا بالظن الكاذب في كبش الذبيح، وقد قال الله تعالى: (ناقة الله وسيقاها) في ناقة صالح فينبغي ان تكون الابل أفضل من الضأن بهذه الآية البينة الواضحة لا بالظن الكاذب في كبش ابراهيم عليه السلام.وموه بعضهم بذكر الاثر الذى فيه الصلاة في مبارك الغنم والنهى عن الصلاة في معاطن الابل لانها جن خلقت من جن فقلنا: فليكن هذا عندكم دليلا في فضل الغنم عليها في الهدى وانتم لا تقولون بهذا.فان ذكروا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين قلنا: نعم وقد صح ان عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم يترك العمل وهو يحب ان يعمل به مخافة ان يعمل به الناس فيكتب عليهم، وأيضا فقد أهدى غنما مقلدة كما ذكرنا في كتاب الحج فلم يكن ذلك عندكم دليلا على ان الغنم أفضل في الهدى من البقر، فمن أين وقع لكم هذاالاستدلال في الاضاحي؟.وأيضا فقد ضحى عليهالسلام بالبقر *روينا من طريق البخاري عن مسدد نا سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين (رضى الله عنهما) (1) قالت في حديث: (لما كنا بمنى أتيت بلحم بقر كثير فقلت: ما هذا؟ قالوا: ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر)، وهذا في حجة الوداع وهو آخر عمله عليه السلام ولم يضح بعدها.وروينا من طريق مسلم نا محمد بن المثنى نا محمد بن جعفر غندر نا شعبة عن زبيد اليامى (3) عن الشعبى عن البراء بن عازب قال: قال رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أول ما نبدأ به في يومنا هذا ان نصلى (4)،ثم نرجع فننحر).ومن طريق البخاري عن يحيى بن بكير نا الليث ابن سعد عن كثير بن فرقد عن نافع ان ابن عمر (رضى الله عنهما) (5)أخبره قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذبح وينحر بالمصلى)، والنحر عند مالك - وهو الذى يخالفنا في هذه المسألة - لا يجوز البتة في الغنم وانما هو عنده في الابل وعلى تكره في البقر، وقد صح (6) أنه عليه السلام كان يضحى بالابل والبقرأ ويترك قوله فيجيز النحر في الغنم ولابد من أحدهما ولايجوز ان يحتج بفعل فعله عليه السلام مباح ذلك الفعل أو غيره باقرار المحتج على نص قوله عليه السلام في تفضيل الابل، ثم البقر، ثم الضأن.روينا عن مسلم بن يسار أنه كان يضحى بجزور من الابل.وعن سعيد بن المسيب أنه كان يضحى مرة بناقة.
ومرة ببقرة.ومرة بشاة.ومرة لا يضحى.فأما قول مالك في فضل الماعز على البقر.والابل وفضل البقر على الابل فلا نعلم له متعلقا أصلا ولا أحدا قال به قبله، بالله تعالى التوفيق.
مسألة - ووقت ذبح الاضحية أو نحرها هوان يهل حتى تطلع الشمس من يوم النحر، ثم تبيض وترتفع ويمهل حتى يمضى مقدار ما يصلى ركعتين يقرأ في الاولى بعد ثمان تكبيرات أم القرآن وسورة (ق) وفى الثانية بعد ست تكبيرات أم القرآن وسورة (اقتربت الساعة وانشق القمر) بترتيل ويتم فيهما الركوع، والسجود، ويجلس، ويتشهد، ويسلم، ثم يذبح أضحيته أو ينحرها البادى.والحاضر.وأهل القرى.والصحارى.والمدن سواء في كل ذلك، فمن ذبح، أو نحر قبل ما ذكرنا ففرض عليه ان يضحى ولابد بعد دخول الوقت المذكور، ولا معنى لمراعاة صلاة الامام ولا لمراعاة تضحيته.برهان ذلك ما ذكرنا في أول الباب الذى قبل هذا من قوله عليه السلام: (أول ما نبدأ به في يومنا هذا ان نصلى، ثم نرجع فننحر).ومن طريق شعبة عن سلمة - هوابن كهيل - عن أبى جحيفة عن البراء بن عازب قال: ذبح أبو بردة قبل الصلاة فقال له (1) النبي صلى الله عليه وسلم: (أبدلها).ومن طريق حماد بن زيد نا أيوب عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى: ثم خطب فأمر من كان ذبح قبل الصلاة ان يعيد ذبحا) (2).ومن طريق وكيع نا سفيان الثوري عن الاسود بن قيس قال: سمعت جند بايقول: (مر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر على قوم قد نحروا وذبحوا فقال: من نحر وذبح قبل صلاتنا فليعد ومن لم يذبح أو ينحر فليذبح ولينحر باسم الله).ومن طريق مسلم نا محمد بن حاتم نا محمد بن بكر نا ابن جريج انا أبو الزبير أنه سيمع (3) جابر بن عبد الله يقول (امر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان نحر قبله ان يعيد بنحر آخر ولا ينحروا حتى ينحر النبي صلى الله عليه وسلم) فالوقت الذى حددناه ووقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وهو قول الشافعي.
وأبى سليمان إلا أن الشافعي لم يجز التضحية قبل تمام الخطبة ولا معنى لهذا الانالنبي صلى الله عليه وسلم لم يحد وقت الاضحية بذلك، وقال سفيان: ان ضحى قبل الخطبة اجزأه،.وقال أبو حنيفة: أما أهل المدن والامصار فمن ضحى منهم قبل تمام صلاة الامام فعليه ان يعيد ولم يضح وأما أهل القرى والبوادى فان ضحوا بعد طلوع الفجر من يوم الاضحى أجزأهم، وقال مالك: من ضحى قبل ان يضحى (4) الامام فلم يضح، ثم اختلف أصحابه فطائفة قالت: الامام هو أمير المؤمنين، وطائفة قالت: بل هو أمير البلدة، وطائفة قالت: بل هو الذى يصلى بالناس صلاة العيد.قال أبو محمد: أما قول أبى حنيفة فخلاف مجرد لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما أوردنا بلا برهان: وأما قول مالك فلا حجة له أصلا وخلاف للخبر أيضا إذ لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم تط بمراعاة تضحية غيره، ونقول للطائفيتن معا: أرأيتم ان ضيع الامام صلاة الاضحى ولم يضح أتبطل سنة الله تعالى في الاضاحي على الناس؟ حاشا لله من هذا بل هوالحق ان الامام ان صلى في الوقت الذى كان يصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أحسن وهو أحد المسلمين في وقت تضحيته وان أغفل ذلك فقد أخطأ وليس ذلك بكادح في عدالته لانه لم يعطل فرضا وليس ذلك بمحيل شيئا من حكم الناس في أضاحيهم، ونقول للمالكيين أيضا: أرأيتم إن ضحى الامام قبل وقت صلاة الاضحى أيكون ذلك علما لاضاحي الناس؟.(فان قالوا): نعم أتوا بعظيمة (5) وإن قالوا: لاصدقوا وتركوا قولهم في مراعاة تضحية الامام، بالله تعالى التوفيق.
وقد روينا مثل قول أبى حنيفة في الفرق بينأهل القرى، وأهل المدن عن عطاء.وابراهيم وما نعرف قول مالك في مراعاة تضحية الامامعن أحد قبله، بالله تعالى التوفيق *
- مسألة - والاضحية مستحبة للحاج بمكة وللمسافر كما هي للمقيم ولا فرق، وكذلك العبد والمرأة لقول الله تعالى: (وافعلوا الخير) والاضحية فعل خير، وكل من ذكرنا محتاج إلى فعل الخير مندوب إليه ولما ذكرنا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في التضحية والتقريب ولم يخص عليه السلام باديا من حاضر، ولا مسافرا من مقيم، ولا ذكرامن أنثى، ولاحرا من عبد، ولا حاجا من غيره، فتخصيص شئ من ذلك باطل لا يجوز، وقد ذكرنا قبل ان النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بالبقر عن نسائه بمكة وهن حواج معه.وروينا من طريق النخعي ان عمر كان يحج فلا يضحى وهذا مرسل.ومن طريق الحارث عن على ليس على المسافر أضحية، والحارث كذاب.وعن أصحاب ابن مسعود أنهم كانوا لا يضحون في الحج وليس في شئ من هذا كله منع للحاج ولا للمسافر من التضحية وإنما فيه تركها فقط، ولا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم.وروينا من طريق أبى الجهم نا أحمد بن فرج نا الهروي نا ابن فضيل عن عطاء عن ابراهيم النخعي سافر معى تميم بن سلمة فلما ذبحنا أضحيته أخذ منها بضعة فقال: آكلها؟.
ومن طريق سعيد ابن منصور نا أبو عوانة عن منصور عن ابراهيم قال: كان عمر يحج ولا يضحى وكان أصحابنا يحجون معهم الورق والذهب فلا يضحون ما يمنعهم من ذلك الا ليتفرغوا لنسكهم.ومن طريق سعيد بن منصور نا مهدى بن ميمون عن واصل الاحدب عن ابراهيم قال: حججت فهلكت نفقتى فقال أصحابي: ألا نقرضك فتضحى؟ فقلت: لا، فهذا بيان أنهم لم يمنعوا منها والنهى عن فعل الخير لا يجوز إذ بنص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين أنه ليس خيرا.
- مسألة - ولا يلزم من نوى أن يضحى بحيوان مما ذكرنا ان يضحى به ولابد بل له ان لا يضحى به ان شاء إلا أن ينذر ذلك فيه فيلزمه الوفاء به.
برهان ذلك ان الاضحية كما قدمنا ليست فرضا فإذ ليست فرضا فلا يلزمه التضحية إلا ان يوجبها نص ولا نص الا فيمن ضحى قبل وقت التضحية في ان يعيد وفيمن نذران يفى بالنذر.وروينا من طريق مجاهد لا بأس بان يبيع الرجل أضحته ممن يضحى بها ويشترى خيرا منها، وعن عطاء فيمن اشترى أضحيتة، ثم بدا له قال: لا بأس بأن يبيعها، وروينا عن على.والشعبى.والحسن.وعطاء كراهة ذلك.
قال على: ما نعلم لمن كره ذلك حجة *
مسألة - ولا تكون الاضحية أضحية إلا بذبحها، أو نحرها بنية التضحية لاقبل ذلك أصلا وله ما لم يذبحها، أو ينحرها كذلك ان لا يضحى بها وان يبيعها وان يجز، صوفها ويفعل فيه (1) ما شاء ويأكل لبنها ويبيعه، وان ولدت فله ان يبيع ولدها أو يمسكه أو يذبحه، فان ضلت فاشترى غيرها، ثم وجد التى ضلت لم يلزمه ذبحها ولاذبح واحدة منهما، فان ضحى بهما.أو بأحدهما.أو بغيرهما فقد أحسن وان لم يضح أصلا فلا حرج، وان اشتراها وبها عيب لاتجزى به في الاضاحي كعور.أو عجف: أو عرج.أو مرض، ثم ذهب العيب وصحت جاز له ان يضحى بها ولو أنه ملكها سليمة من كل ذلك.ثم اصابها عيب لاتجزى به في الاضحية قبل تمام ذكاتها ولو في حال التذكية لم تجزه.برهان ذلك ما ذكرناه من أنها ليست فرضا فإذ هي كذلك فلا تكون أضحية الا حتى يضحى بها ولا يضحى بها الا حتى تتم ذكاتها بنية التضحية فهى ما لم يضح بها مال من ماله يفعل فيه ما أحب كسائر ماله ومن خالف هذا فاجاز ان يضحى بالتى يصيبها عنده العيب فقد خالف نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم جهارا ولزمه ان اشترى (2) أضحية معيبة فصحت عنده ان لاتجزئه ان يضحى بها وهم لا يقولون هذا.روينا عن على بن ابى طالب من طريق أبى اسحاق عن هبيرة بن يريم قال: قال على: إذا اشتريت الاضحية سليمة فأصابها عندك عوار.أو عرج فبلغت المنسك فضح بها.ومن طريق الحارث عن على أنه سئل عن رجل اشترى أضحيتة سلميد فاعورت عنده؟ قال: يضحى بها، وهو قول حماد بن أبى سليمان.رويناه عنه من طريق شعبة، وهو قول الحسن.
وابراهيم، وروينا من طريقابن عباس فيمن اشترى أضحيته فضلت قال: لا يضرك.وعن الحسن.والحكم بن عتيبة فيمن ضلت أضحيته فاشترى أخرى فوجد الاولى أنه يذبحهما جميعا، قال حماد: يذبح الاولى، وقال أبو حنيفة: ان اشتراها صحيحة، ثم عجفت عنده حتى لاتنقى اجزأته ان يضحى بها فلوا عورت عنده لم تجزه فلوا أنه إذ ذبحها أصاب السكين عينها.أو انكسر (3) رجلها اجزأته.وهذه اقوال فاسدة متناقضة، ولا نعلم هذه التقاسيم عن أحد قبله.وقال أبو حنيفة.ومالك.والشافعي: لا يجز صوفها ولا يشرب لبنها، قال الشافعي: الاما فضل عن ولدها، وروينا عن عطاء فيمن اشترى أضحية ان له يجز صوفها وأمره الحسن ان فعل ان يتصدق به، وقال أبو حنيفة.والشافعي: ان ولدت ذبح ولدها معها وقال مالك: ليس عليه ذلك.روينا عن على أنه سأله رجل معه بقرة قد ولدت؟ فقال:كنت اشتريتها لاضحى بها؟ فقال له على: لا تحلبها الافضلا عن ولدها فإذا كان يوم الاضحى فاذبحها وولودها عن سبعة.
مسألة - والتضحية جائزة من الوقت الذى ذكرنا يوم النحر إلى ان يهل هلال المحرم، والتضحية ليلا ونهارا جائز، واختلف الناس في هذا فروينا من طريق ابن أبى شيبة نا أبو أسامة عن هشام - هو ابن حسان - عن محمد بن سيرين قال: النحر يوم واحد إلى ان تغيب الشمس.وعن حميد بن عبد الرحمن أنه كان لا يرى الذبح الا يوم النحر وهو قول أبى سليمان، وقول آخر رويناه من طريق وكيع عن محمد بن عبد العزيز عن جابر بن زيد قال: النحر في الامصار يوم، وبمنى ثلاثة أيام، وقول ثالث ان التضحية يوم النحر ويومان بعده روينا من طريق ابن أبى ليلى عن المنهال بن عمرو عن زر عن على قال: النحر ثلاثة أيام أفضلها أولها، ومن طريق ابن أبى شيبة نا جرير عن منصورعن مجاهد عن مالك بن ماعز أو ماعز بن مالك الثقفى ان اباه سمع عمر يقول: انما النحر في هذه الثلاثة الايام.ومن طريق ابن ابى شيبة نا هشيم عن أبى حمزة عن حرب ابن ناجية عن ابن عباس قال: ايام النحر ثلاثة أيام.ومن طريق وكيع عن ابن أبى ليلى عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس النحر ثلاثة أيام.ومن طريق ابن أبى شيبة عن اسماعيل بن عياش عن عبيدالله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: الاضحى يوم النحر ويومان بعده.ومن طريق وكيع عن عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر قال: ما ذبحت يوم النحر، والثانى، والثالث فهى الضحايا.ومن طريق ابن أبى شيبة نا زيد بن الحباب عن معاوية بن صالح حدثنى أبو مريم سمعت ابا هريرة يقول: الاضحى ثلاثة أيام.ومن طريق وكيع عن شعبة عن قتادة عن أنس قال: الاضحى يوم النحر ويومان بعده وبه يقول أبو حنيفة.ومالك، ولا يصح شئ من هذا كله الاعن أنس وحده لانه عن عمر من طريق مجهول عن أبيه مجهول أيضا، وعن على من طريق ابن أبى ليلى وهو سئ الحفظ عن المنهال وهو متكلم فيه، وعن ابن عباس من طريق ابن أبى ليلى وهو سئ الحفظ وأبى حمزة وهو ضعيف.ومن طريق ابن عمر عن اسماعيل بن عياش وعبد الله بن نافع وكلاهما ضعيف.ومن طريق أبى هريرة عن معاوية بن صالحو ليس بالقوى عن أبى مريم وهو مجهول، وقول رابع (1) وهو ان التضحية يوم النحر وثلاثة أيام بعده روينا من طريق محمد بن المثنى نا عبيدالله (2) ابن موسى نا ابن أبى ليلى عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس قال: الايام المعلومات يوم النحر وثلاثة أيام بعده هكذا في كتابي ولا أدري لعله وهم والله أعلم *ومن طريق ابن أبى شيبة نا أبو أسامة عن هشام عن عطاء قال: النحر أربعة أيام إلى آخر أيام التشريق.ومن طريق وكيع ناهمام بن يحيى سمعت عطاء يقول: النحر أربعة أيام إلى آخر أيام التشريق.ومن طريق وكيع نا همام بن يحيى سمعت عطاء يقول: النحر مادامت الفساطيط بمنى *ومن طريق وكيع عن شعبة عن قتادة عن الحسن قال: النحر يوم النحر وثلاثة ايام بعده.ومن طريق ابن وهب عن يونس بن يزيد عن الزهري فيمن نسى ان يضحى يوم النحر قال: لا بأس ان يضحى ايام التشريق.ومن طريق ابن ابى شيبة عن اسماعيل بن عياش عن عمرو ابن مهاجر عن عمر بن عبد العزيز قال: الاضحى أربعة أيام يوم النحر وثلاثة أيام بعده وهو قول الشافعي.وقول خامس كما روينا من طريق ابن أبى شيبة نا أبو داود الطيالسي عن حرب ابن شداد عن يحيى بن ابى كثير عن محمد بن ابراهيم - هو التيمى - عن أبى سلمة بن عبد الرحمن ابن عوف.وسليمان بن يسار قالا جميعا: الاضحى إلى هلال المحرم لمن استأنى بذلك.قال أبو محمد: أما من قال النحر يوم الاضحى وحده فقال: انه مجمع عليه وما عداه فمختلف فيه فلا توجد شريعة باختلاف لانص فيه.قال على: صدقوا، والنص يجيز قولنا على ما نأتى به بعد هذا ان شاء الله تعالى.وأما من قال: بقول أبى حنيفة.ومالك: فانهم احتجوا بأنه قول روى عن عمر.وعلى.وابن عمر.وابن عباس.وأبى هريرة.وأنس ولا يعرف لهم من الصحابة رضى الله عنهم مخالف، ومثل هذا لا يقال بالرأى.قال على: قد ذكرنا قضايا عظيمة خالفوا فيها جماعة من الصحابة رضى الله عنهم لايعرف لهم منهم مخالف فكيف ولا يصح شئ مما ذكرنا الا عن أنس وحده على ما بينا قبل؟ وان كان هذا إجماعا فقد خالف عطاء.وعمر بن عبد العزيز.والحسن والزهرى.وأبو سلمة بن عبد الرحمن.وسليمان بن يسار الاجماع، وأف لكل إجماع يخرج عنه هؤلاء، وقد روينا عن ابن عباس ما يدل على خلافه لهذا القول ولا نعلم لمن قال: أربعة أيام حجة أيضا إلا أن أيام منى ثلاثة أيام يوم النحر فقط وليس هذا حجة.قال أبو محمد: الاضحية فعل خير وقربة إلى الله تعالى وفعل الخير حسن في كل وقت قال الله تعالى: (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير) فلم يخص تعالى وقتا من وقت ولارسوله عليه السلام فلا يجوز تخصيص وقت بغير نص فالتقرب إلى الله تعالى بالتضحية حسن ما لم يمنع منهنص أو إجماع ولانص في ذلك ولا إجماع إلى آخر ذى الحجة، وقد روينا خبر ايلزمهم الاخذ به، وأما نحن فلا نحتج به ويعيذنا الله تعالى من ان نحتج بمرسل، وهو ما حدثناه أحمد بن عمر بن أنس نا عبد الله بن الحسين بن عقال نا ابراهيم بن محمد الدينورى (1) نا محمد بن أحمد بن الجهم نا أحمد بن الهيثمنا مسلم (1) نا يحيى - هو ابن أبى كثير - عن محمد بن ابراهيم التيمى عن أبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وسليمان بن يسار قالا جميعا: بلغنا (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الاضحى إلى هلال المحرم لمن اراد أن يستأنى بذلك) وهذا من أحسن المراسيل وأصحها فيلزم الحنيفيين والمالكيين القول به والا فقد تناقضوا.قال على: وأجاز أبو حنيفة.والشافعي ان يضحى بالليل وهو قول عطاء، وقال مالك: لا يجوز أن يضحى ليلا وما نعلم لهذا القول حجة اصلا الا أنهم قال قائلهم: قال الله تعالى: (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الانعام) قالوا: فلم يذكر الليل.قال على: وهذا منهم ايهام يمقت الله تعالى عليه لان الله تعالى لم يذكر في هذه الآية ذبحا، ولا تضحية، ولانحرا لا في نهار، ولافى ليل وانما أمر الله تعالى بذكره في تلك الايام المعلومات أفترى يحرم ذكره في لياليهن؟ ان هذا لعجب! ومعاذ الله من هذا، وليس هذا النص بمانع من ذكره تعالى وحمده على ما رزقنا من بهيمة الانعام في ليل، أو نهار في العام كله، وهذا مما حرفوا فيه الكلم عن مواضعه ولا يختلفون فيمن حلف ان لا يكلم زيد اثلاثة أيام ان الليل يدخل في ذلك مع النهار، وذكروا حديثا لا يصح رويناه من طريق يقية بن الوليد عن مبشر بن عبيد الحلبي عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذبح بالليل) (2).
قال أبو محمد: هذه فضيحة الابد، وبقية ليس بالقوى، ومبشر بن عبيد مذكور بوضع الحديث عمدا، ثم هو مرسل، ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة لانهم يجيزون الذبح بالليل فيخالفونه فيما فيه ويحتجون به فيما ليس فيه، وهذا عظيم جدا، وقال قائل منهم: لما كانتليلة النحر لا يجوز التضحية فيها وكان يومه تجوز التضحية فيه كانت ليالى سائر أيام التضحية كذلك.قال على: وهذا قياس والقياس كله باطل، ثم لو كان حقا كان هذا منه عين الباطل لان يوم النحر هو مبدأ دخول وقت التضحية وما قبله ليس وقتا للتضحية، ولا يختلفون معنا في ان من طلوع الشمس إلى ان يمضى بعد ابيضاضها وارتفاعها وقت واسع من يوم النحر لا تجوز فيه التضحية فيلزمهم ان يقيسوا على ذلك اليوم ما بعده من أيام التضحية فلا يجيز والتضحية فيها الا بعد مضى مثل ذلك الوقت والا فقد تناقضوا وظهر فساد قولهم، وما نعلم أحدا من السلف قبل مالك (3) منع من التضحية ليلا * - مسألة - ونستحب للمضحى رجلا كان أو امرأة ان يذبح أضحيته أو ينحرها بيده فان ذبحها أو نحرها له بأمره مسلم غيره، أو كتابي اجزأه ولاحرج في ذلك.روينا من طريق مسلم نا يحيى بن يحيى نا وكيع عن شعبة عن قتادة عن أنس قال: (ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ورأيته (1) يذبحهما بيده واضعا قدمه على صفاحهما وسمى الله وكبر (2)).قال مسلم نا يحيى بن حبيب نا خالد بن الحارث نا شعبة انا قتادة قال: سمعت أنسا فذكر مثل هذا الحديث.فنحن نستحب الاقتداء به عليه السلام في هذا قال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)، وقال تعالى: (وطعام الذين أوتو الكتاب حل لكم)، وانما عنى عزوجل بيقين ما يذكونه لاما يأكلونه لانهم يأكلون الميتة.والدم.والخنزير.وما عمل بالخمر وظهرت فيه، فإذ ذبائحهم ونحائرهم حلال فالتفريق بين الاضحية وغيرها لا وجه له، وقولنا هذا هو قول أبى حنيفة.والشافعي.وأبى سليمان:.وروينا من طريق ابن أبى شيبة نا جرير عن منصور قلت لابراهيم: صبى له ظئر (3) يهودى أيذبح أضحيته؟ قال: نعم.ومن طريق عبد الرزاق انا ابن جريج.ومعمر قال ابن جريج: قال عطاء، وقال معمر: قال الزهري ثم اتفق عطاء والزهرى قالا جميعا: يذبح نسكك اليهودي والنصراني ان شئت قال الزهري: والمرأة ان شئت، وقال مالك: لا يذبحها الا مسلم فان ذبحها كتابي قال ابن القاسم: يضمنها.روينا من طريق جعفر بن محمد عن أبيه ان على بن أبى طالى قال: لا يذبح أضاحيكم اليهود ولا النصارى لا يذبحها الا مسلم.وعن جرير عن قابوس بن أبى ظبيان عن أبيه عن ابن عباس لا يذبح أضحيتك الا مسلم.وعن أبى سفيان عن جابر لا يذبح النسك الا مسلم.وعن سعيد ابن جبير.والحسن.وعطاء الخراساني.والشعبى.ومجاهد.وعطاء بن أبى رباح أيضا لا يذبح النسك الا مسلم.وعن ابراهيم كانوا يقولون: لا يذبح النسك الا مسلم، وهذا مما خالف فيه الحنيفيون والشافعيون جماعة من الصحابة (4) وجمهور العلماء لا مخالف لهم يعرف من الصحابة ولا يصح عن أحد من الصحابة ما ذكرنا (5) لانه عن على منقطع، وقابوس.
وأبو سفيان ضعيفان إلا أنه عن الحسن.وابراهيم.والشعبى.
وسعيد بن جبير صحيح ولا يصح عن غيرهم، وما نعلم لهذا القول حجة أصلا لامن قرآن.ولامن سنة.ولامن أثر سقيم.ولامن قياس *
مسألة - وجائز ان يشترك في الاضحية الواحدة أي شئ كانت الجماعةمن أهل البيت وغيرهم، وجائزان يضحى الواحد بعدد من الاضاجى، ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين كما ذكرنا آنفاو لم ينه عن أكثر من ذلك والاضحية فعل خير فالاستكثارمن الخيرحسن.وقالأبوحنيفة.وسفيانالثوري.والاوزعي.والشافعي.وأحمدواسحاق.وأبوثور.وأبو سليمان: تجزى لبقرة، أو الناقة عن سبعة فأقل أجنبيين وغير اجنبيين يشتركون فيها ولا تجزى عن أكثر ولا تجزى الشاة الاعن واحد، وقال مالك: يجزى الرأس الواحد من الابل، أو البقر، أو الغنم عن واحد وعن أهل البيت وان كثر عددهم وكانوا أكثر من سبعة إذا أشركهم فيها تطوعا ولا تجزى إذا اشتروها بينهم بالشراكة ولاعن اجنبيين فصاعدا.قال أبو محمد: الاضحية فعل خير وتطوع بالبر فالاشتراك في التطوع جائز ما لم يمنع من ذلك نص قال تعالى: (وافعلوا الخير) فالمشتركون فهيا فاعلون للخير فلا معنى لتخصيص الاجنبيين بالمنع ولا معنى لمنع ذلك بالشراء لانه كله قول بلا برهان أصلا لامن قرآن، وسنة، ولا رواية سقيمة، ولا قياس، وقد أباح الليث الاشتراك في الاضحية في السفر وهذا تخصيص لا معنى له أيضا (1).روينا من طريق عبد الرزاق نا سفيان الثوري عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن أبى سلمة ابن عبد الرحمن بن عوف عن عائشة أم المؤمنين أو أبى هريرة (2) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنه كان إذا أراد ان يضحى اشترى كبشين عظيمين، سمينين، أقرنين أملحين موجوءين فيذبح أحدهما عن أمته من شهد لله بالتوحيد وله بالبلاغ ويذبح الآخر عن محمد وآل محمد) (3)، فهذا أثر صحيح عندهم، وعلى رواية عبد الله بن محمد بن عقيل عول المالكيون في خبر الصلاة (تحريهما التكبير وتحليلها التسليم)، وروينا من طريق عبيدالله بن عمر عن نافع عن ابن عمر البدنة عن واحد، والبقرة عن واحد، والشاة عن واحد لاأعلم شركا، وصح عن محمد بن سيرين لاأعلم دما واحدا يراق عن أكثر من واحد.وصح من طريق ابن أبى شيية عن أبى معاوية عن مسعر بن كدام عن حماد بن أبى سليمان لا تكون ذكاةنفس عن نفسين.وكرهه الحكم.وقول آخر رويناه من طريق ابن أبى شيبة عن حاتم ابن اسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن على بن أبى طالب قال: الجزور، والبقرة عن سبعةمن أهل البيت لايدخل معهم من غيرهم، كل هذا مخالف لقول مالك لان ابن عمر لم يجز الرأس الواحد الاعن واحد وكذلك ابن سيرين.وحماد، وعلى أجاز الناقة أو البقرة عن سبعة من أهل البيت لاأكثر.ومن طريق ابن أبى شيبة عن ابن علية عن سعيد عن قتادة عن سليمان بن يسار عن عائشة أم المؤمنين قالت: البقرة والجزور عن سبعة.وعن ابن أبى شيبة عن على بن مسهر عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن أنس ابن مالك.وسعيد بن المسيب، والحسن قالوا كلهم: البقرة عن سبعة والجزور عن سعبة يشتركون فيها وان كانوا من غير أهل دار واحدة.ومن طريق ابن أبى شيبة نا محمد ابن فضيل عن داود بن أبى هند عن الشعبى قال: أدركت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وهم متوافرون كانوا يذبحون البقرة والبعير عن سبعة.ومن طريق وكيع عن سفيان عن حماد عن ابراهيم قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يقولون: البقرة والجزور عن سبعة.
قال على: هذا حماد قد روى ما ذكرنا عن الصحابة، ثم خالف ماروى ولم ير ذلك إجماعا كما يزعم هؤلاء.وعن ابن أبى شيبة عنابن فضيل عن مسلم عن ابراهيم عن علقمة عن ابن مسعود البقرة والجزور عن سبعة، وعن وكيع عن سفيان عن حصين بن عبد الرحمن عن خالد بن سعد عن أبى مسعود قال: البقرة عن سبعة.ورويناه أيضا عن حذيفة.وجابر.وعلى.وصح عن سعيد بن المسيب البدنة عن عشرة.وروينا ذلك ايضا عن ابن عباس عن الصحابة رضى الله عنهم.وممن أجاز الاشتراك في الاضاحي بين اللاجنبيين البقرة عن سبعة والناقة عن سبعة طاوس.وأبو عثمان النهدي.وعطاء.وجمهور التابعين، فاما ابن عمر فاننا روينا من طريق ابن أبى شيبة نا عبد الله بن نير نامجالد عن الشعبى قال: سألت ابن عمر عن البقرة والبعير تجزى عن سعبة؟ فقال: كيف أولها سبعة آنفس؟ قلت: ان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الذين بالكوفة أفتوني فقالوا: نعم قاله النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر فقال ابن عمر: ما شعرت، فهذا توقف من ابن عمر.ومن طريق وكيع عن عريف بن درهم عن جبلة بن سحيم عن ابن عمر قال: البقرة عن سبعة، فهذا يدل على رجوعه وهذا مما خالف فيه مالك كل رواية رويت فيه عن صاحب الا رواية عن ابن عمر رجع عنها وخالف جمهور التابعين في ذلك.قال أبو محمد: الحجة انما هي في فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يمنع عليه السلام من الاشتراك في التطوع أكثر من عشرة وسبعة بل قد أشرك عليه السلام في أضحيته جميع أمته، وبالله تعالى التوفيق *
- مسألة - وفرض على كل مضح ان يأكل من أضحيته ولابد ولو لقمة فصاعدا، وفرض عليه ان يتصدق أيضا منها بما شاء قل أو كثر ولابد، ومباح له أن يطعم منها الغنى والكافر، وان يهدى منها ان شاء ذلك، فان نزل باهل بلد المضحي جهد أو نزل به طائفة من المسلمين في جهد جاز للمضحى أن يأكل من أضحيته من حين يضحى بها إلى انقضاء ثلاث ليال كاملة مستانفة يبتدئها بالعدد من بعد تمام التضحية ثم لا يحل له أن يصبح في منزله منها بعد تمام الثلاث ليال شئ أصلا لا ما قل ولا ما كثر، فان ضحى ليلا لم يعد تلك الليلة في الثلاث لانه تقدم منها شئ فان لم يكن شئ من هذا فليدخر منها ما شاء *روينا من طريق البخاري نا أبو عاصم - هو الضحاك بن مخلد - عن يزيد بن أبى عبيد عن سلمة بن الاكوع قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وفي بيته منه شئ فلما كان العام المقبل قالوا: يا رسول الله نفعل كما فعلنا العام الماضي قال: كلوا، وأطعموا، وادخروا فان ذلك العام كان بالناس جهد فاردت ان تعينوا فيها) (1).ومن طريق مالك عن عبد الله بن أبى كبر بن عمرو بن حزم (ان عمرة بنت عبد الرحمن قالت له: سمعت عائشة أم المؤمنين تقول إنهم قالوا: يا رسول الله إن الناس يتخذون الاسقية من ضحاياهم ويحملون فيها الودك (2) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وماذاك؟ قالوا.نهيت ان تؤكل لحوم الضحيا بعد ثلاث قال عليه السلام بعد: كلوا، وادخروا، وتصدقوا) فهذه أوامر من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل خلافها قال تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب اليم)، ومن ادعى أنه ندب فقد كذب وقفا مالاعلم به ويكفيه ان جميع الصحابة رضى عنهم لم يحملوا نهيه عليه السلام عن ان يصبح في بيوتهم بعد ثلاث منها شئ الا على الفرض ولم يقدموا على مخالفته الا بعد اذنه، ولافرق بين الامر والنهى قال عليه السلام: (إذا نهيتكم عن شئ فاتر كوه وإذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم)، وعم عليه السلام بالاطعام فجائز ان يطعم منه كل آكل إذ لو حرم من ذلك شئ لبينه عليه السلام (وما كان ربك نسيا).(وما ينطق عن الهوى ان هو الاوحى يوحى) وادخار ساعة فصاعدا يسمى ادخارا، والعجب كله ممن يستخرج بعقله القاصر ورأيه الفاسد عللا لاوامر الله تعالى وأوامر رسوله عليه السلام لا برهان له بها الادعواه الكاذبة، ثم يأتي إلى حكم جعله عليه السلام موجبا لحكم آخر فلا يلتفت إليه، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الجهد الحال بالناسموجبا لئلا يبقى (1) عند أحد من أضحيته شئ بعد ثالثة فلم يلتفتوا (2) إلى ذلك ونعوذبالله من هذا.* فان ذكروا ما روينا من طريق ابراهيم الحربى عن الحكم بن موسى عن الوليد عن طلحة بن عمرو وعن عطاء عن ابن مسعود (أمرنما رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نأكل منها ثلثا ونتصدق بثلثها ونطعم الجيران ثلثها) فطلحة مشهور بالكذب الفاضح، وعطاء لم يدرك ابن مسعود ولا ولد إلا بعد موته ولو صح لقلنا به مسارعين إليه لكن روينا من طريق عبد الرزاق عن عمر عن عاصم عن أبى مجلز قال: أمر ابن عمر ان يرفع له من أضحيته بضعة ويتصدق بسائرها.ومن طريق أبى الجهم نا أحمد بن فرج نا الهروي نا ابن فضيل عن عطاء (3) عن ابراهيم النخعي قال: سافر معى تميم بن سلمة فلما ذبحنا أضحيته فاخذ منها بضعة فقال: آكلها؟ فقلت له: وما عليك ان لا تأكل منها؟ فقال تميم: يقول الله تعالى: (فكلوا منها) فتقول أنت: وما عليك ان لا تأكل.* قال أبو محمد: حمل هذا الامر تميم عل بالوجوب وهذا الحق الذى لا يسع أحدا سواه، وتميم من أكابر أصحاب ابن مسعود.ومن طريق ابن أبى شيبة عن محمد بن فضيل عن عبد الملك عن مولى لابي سعيد عن أبى سعيد أنه كان يقول لبنيه: إذا ذبحتم أضاحيكم فأطعموا، وكلوا، وتصدقوا.وعن ابن مسعود أيضا نحو هذا.
وعن عطاء نحوه، وصح عن سعيد بن المسيب.وعروة بن الزبير ليس لصاحب الاضحية إذ ربعها (فان ذكروا) ما رويناه من طريق البخاري نا اسماعيل بن أبى أويس حدثنى أخى أبو بكر عن سليمان - هو ابن بلال - عن يحيى بن سعيد الانصاري عن عمرة (بنت عبد الرحمن) (4) عن عائشة (رضى الله عنها) (5) قالت في الضحية (6) كنا نملح منه فنقدم به (7) إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة فقال (: لا تأكلوا الا ثلاثة أيام) وليست بعزيمة ولكن أراد ان يطعم منه، والله أعلم.فهذا خبر لاحجة فيه لان قول القائل: ليست بعزيمة ليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم انما هو من ظن بعض رواة الخبر، يبين ذلك قوله في آخر هذا الخبر، أراد ان يطعم منه والله أعلم، وأيضا فان أبا بكر بن أبى أويس مذكور عنه في روايته امر عظيم، وقد حمل علىابن أبى طالب هذا القول منه عليه السلام على الوجوب وابن عمر كما ذكرنا *هو ابن السائب وسيأتى قريبا عن المصنف ان ابن فضيل انما سمع منه بعد اختلاطه، وهكذا في كتب الرجال كتهذيب التهذيب وهنا لا يضر لان ما رواه عنه اثر لاحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم (4) الزيادة من صحيح البخاري ج 7 ص وروينا من طريق مسلم حدثنى حرملة بن يحيى عن ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني أبو عبيد مولى ابن أزهر أنه شهد العيد مع عمر بن الخطاب قال: ثم صليت مع على بن أبى طالب فصلى لنا قبل الخطبة ثم خطب الناس فقال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدنها كم أن تأكلوا لحوم نسككم فوق ثلاث ليال فلا بأكلوا) (1).ومن طريق وكيع نا سفيان الثوري عن أبى حصين عن أبى عبد الرحمن السلمى عن على بن أبى طالب قال: لا يأكل أحد من لحم أضحيته فوق ثلاث.قال على: حديث أبى عبيد مولى ابن أزهر كان عام حصر عثمان رضى الله عنه وكان أهل البوادى قد ألجأتهم الفتنة إلى المدينة وأصابهم جهد فأمر لذلك بمثل ما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جهد الناس ودفت الدافة (2) وبالله تعالى التوفيق.
- مسألة - ولا يحل للمضحى أن يبيع من أضحيته بعد أن يضحى بها شيئا لاجلدا ولاصوفا ولاشعرا ولاوبرا ولا ريشا ولاشحما ولالحما لاعظما ولا غضروفا (2) ولا رأسا ولاطرفا ولاحشوة ولا أن يصدقه ولا أن يؤاجر به ولا أن يبتاع به شيئا أصلا لامن متاع البيت ولاغر بالا ولا منخلا ولا تابلا (4) ولا شيئا أصلا، وله أن ينتفع بكل ذلك ويتوطأه وينسخ في الجلد ويلبسه ويهبه ويهديه، فمن ملك شيئا من ذلك بهبة أو صدقة أو ميراث فه بيعه حينئذ إن شاء، ولا يحل له أن يعطى الجزار على ذبحها أو سلخها شيئا منها، وله أن يعطيه من غيرها، وكل ما وقع من هذا فسخ أبدا.وقد اختلف السلف في هذا فروينا من طريق شعبة عن قتادة عن عقبة بن صهبان قلت لابن عمر: أبيع جلد بقر ضحيت بها؟ فرخص لى.وروينا من طريق عطاء أنه قال: إذا كان الهدى واجبا يتصدق باهابه وإن كان تطوعا باعه إن شاء، وقال ايضا: لا بأس ببيع جلد الاضحية إذا كان عليك دين، وسئل الشعبى عن جلود الاضاحي؟ فقال: (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها) إن شئت فبع وإن شئت فأمسك، وصح عن أبى العالية أنه قال: لا بأس ببيع جلود الاضاحي نعم الغنيمة تأكل اللحم وتقضى النسك ويرجع اليك بعض الثمن، وذهب آخرون إلى مثل هذا إلا أنهم اجازوا أن يباع به شئ دون شئ، وصح عن ابراهيم النخعي أنه كره بيع جلد الاضحيةوقال: لا بأس بأن يبدل بجلد الاضحية بعض متاع البيت وأنه قال: تصدق به وأرخص أن يشترى به الغربان والمنخل، وقال أبو حنيفة.ومالك: لا يجوز بيعه ولكن يبتاع به بعض متاع البيت كالغربال.والمنخل.والتابل، قال هشام بن عبيدالله الرازي: أيبتاع به الخل؟ قال: لاقال: فقلت له: فما الفرق بين الخل والغربال؟ قال: فقال: لاتشتر به الخل ولم يزده على ذلك.قال أبو محمد: أما هذا القول فطريف جدا، وليت شعرى ما الفرق بين التوابل الكمون والفلفل والكسبره والكراويا والغربال والمنخل وبين الخل والزيت واللحم والفأس والمسحاة والثوب والبر والنبيذ الذى لا يسكر؟ وهل يجوز عندهم في ابتياع التوابل والغربال والمناخل من الربا والبيوع الفاسدةما لا يجوز في غير ذلك؟.إن هذا لعجب لا نظير له! وهذا أيضا قول خلاف كل ماروى في ذلك عن الصحابة رضى الله عنهم.
وروينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن الاعمش عن أبى ظبيان فقلت لابن عباس: كيف نصنع باهاب البدن؟ قال: يتصدق به وينتفع به.وعن عائشة أم المؤمنين أن يجعل من جلد الاضحية سقاء ينبذ فيه.وعن مسروق أنه كان يجعل من جلد أضحيته مصلى يصلى فيه.وصح عن الحسن البصري انتفعوا بمسوك الاضاحي ولا تبيعوها.وعن طاوس أنه عمل من جلد عنق بدنته نعلين لغلامه.وعن معمر عن الزهري لا يعطى الجزار جلد البدنة ولا يباع.وعن سفيان بن عيينة عن ابن أبى نجيح أن مجاهدا وسعيد بن جبير كرها ان يباع جلد البدنة تطوعا كانت أو واجبة.قال أبو محمد: ليس إلا قول من منع جملة أو من أباح جملة فاحتج من أباح جملة بقول الله تعالى: (وأحل الله البيع).قال على: هذا حق إذ لم يأت ما يخصه، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في الاضاحي ما أوردناه من قوله عليه السلام: (كلوا وأطعموا وتصدقوا وادخروا) فلا يحل تعدى هذه الوجوه فيتعدى حدود الله تعالى، والادخار اسم يقع على الحبس فأبيح لنا احتباسها والصدقة بها فليس لنا غير ذلك، وأيضا فان الاضحية إذا قربت إلى الله تعالى فقد أخرجها المضحي من ملكه إلى الله تعالى فلا يحل له منها شئ إلا ما أحله له النص فلولا الامر الوارد بالاكل والادخار ماحل لنا شئ من ذلك، فخرج هذان عن الحظر بالنص وبقى ما عدا ذلك كله على الحظر، وهم يقولون ونحن في أم الولد كذلك أن له استخدامها ووطأها وعتقها، ولا يحل له بيعها ولا اصداقها ولا الاجارة بها ولا تمليكهاغيره وبالله تعالى التوفيق.وما وقع مما لا يجوز فيفسخ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)، وأمامن تملك من ذلك شيئا (1) بميراث أو هبة أو صدقة فهو مال من ماله لم يخرجه عن يده إلى الله تعالى بعد فله فيه ماله في سائر ماله ولافرق.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق