إن الدين عند الله الإسلام
اليهودية والنصرانية قوميات وليست أديان من عند الله
************************
الدعوة إلى الأديان السماوية الثلاثة دعوة باطلة
ودين الأنبياء واحد وهو الإسلام
************
جمع وإعداد
************
مصطفى محمد ربيع
إن الدين عند الله الإسلام
*****************
اليهودية والنصرانية
قوميات وليست أديان من عند الله
الدعوة إلى الأديان السماوية الثلاثة دعوة باطلة
ودين الأنبياء واحد وهو الإسلام
( الإسلام هو عبادة الله الواحد لا شريك له دعا بذلك جميع الأنبياء والرسل واختلفت المناهج والشرائع بين كل نبي وآخر )
*****************
جمع وإعداد
مصطفى ربيع
0161582029
رقم الإيداع بدار الكتب المصرية
(13775 / 2008 )
طبع للمؤلف
ـ معجم فعل الأمر في القرآن الكريم0
ـ معجم الفعل الماضي في القرآن الكريم ثلاثة أجزاء0
ـ معجم لا الناهية في القرآن الكريم0
ـ معجم لن النافية في القرآن الكريم
ـ معجم لم النافية القران الكريم0
ـ ختان الاناث0
ـ الإجهاض ودية الجنين0
ـ عصمة الأنبياء عن المعاصي والذنوب0
ـ الطلاق السنى0
ـ إقامة حدود الله ضرورة لإصلاح الأمة0
ـ إن الدين عند الله الإسلام (قوميات وليست أديان من عند الله)
رقم الإيداع بدار الكتب المصرية
(13775 / 2008)
حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
مقدمة
***********
بسم الله الرحمن الرحيم
******************
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فما له من هاد وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير 0
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله – بلغ الرسالة وأدى الأمانة وكشف الله به الغمة ونصح الأمة صلى الله عليه وعلى أله وصحبه وسلم تسليما كثيرا00
أما بعد
أيها المسلمون 000
إن هذه المذكرة هامة جدا في حياتنا حيث اختلط على الناس من مفكرين ومن مثقفين ومن عامة الناس أن الديانة اليهودية والمسيحية أديان من عند الله وظنوا أن الله أنزل اليهودية والمسيحية بجوار الإسلام وجعلوا الأديان عند الله ثلاثة سماوية 0
فوجب علينا أن ننبه من حين إلى أخر أن هذه الأديان اليهودية والنصرانية قوميات أتخذها أصحابها أديانا ونسوا حظا مما ذكروا به ونسبوها إلى أنها أديان من عند الخالق جل وعلا0
فنقول وبالله تعالى التوفيق مبتدئين بقراءة سورة الإخلاص
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)
ثم نجيب على أربعة أسئلة هي ملخص للمذكرة آلا وهى:
*************************
1ـ هل أنزل الله تبارك وتعالى دينا غير دين الإسلام على خلقه منذ بدأ الله الخلق ؟
2ـ وهل اليهودية والنصرانية دينان من عند الله سبحانه وتعالى ؟
3ـ وما هو الدين الذي أنزله الله على أنبيائه من لدن ادم عليه السلام إلى نبينا محمد ا صلى الله عليهم جميعا وسلم تسليما كثيرا
4ـ وهل دعا سيدنا موسى وأنبياء بنى إسرائيل من قبله ومن بعده وكذا سيدنا عيسى إلى يهودية أو نصرانية ؟
*******************************
فنقول وبالله تعالى التوفيق بالإجابة على الأربعة أسئلة باختصار
حتى تعم الفائدة مسبقا للمطلع ثم نبين الآيات الدالة على قولنا بفضل الله تعالى وعونه 0
الجواب عن السؤال الأول:
لم ينزل الله تبارك وتعالى دينا على خلقه منذ بدأ الخلق والى أن تقوم الساعة من عنده غير دين الإسلام0
إجابة السؤال الثاني:
اليهودية والنصرانية دينان من عند الناس وليست بأديان من عند الله -- كانت قوميات ولا زالت-- اتخذها أصحابها أديان من عند أنفسهم ونسبوها لله عز وجل والله بريء من شركهم وأسماها الله أديانا وملل من دونه وخاطبهم سبحانه وتعالى بقومياتهم في القرآن ولم يقرهم عليها بل أمرهم بالإسلام0
ـ والإسلام هو عبادة الله الواحد وإفراده بالعبودية لا شريك له ولا كيف له ولا مثيل له ولاشبيه له ولم يتخذ صاحبة ولا خليلة ولم يكن ثالث ثلاثة ولم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد 0قال الله تعالى :
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَد (4) سورة الإخلاص
إجابة السؤال الثالث:
ـ الدين الذي أنزله الله تبارك وتعالى على الأنبياء من لدن أدم إلى نبينا محمدا صلى الله عليهم جميعا وسلم هو دين الإسلام وهو عبادة الله الواحد لا شريك له واختلفت الشرائع والمناهج في إطار لا اله إلا الله وحده لا شريك له سبحانه وتعالى عما يشركون0
إجابة السؤال الرابع:
ـ لم يدع سيدنا موسى ولا أنبياء بنى إسرائيل من قبله ومن بعده وكذا سيدنا عيسى إلى يهودية أو نصرانية بل دعوا جميعهم إلى الإسلام وهو عبادة الله الواحد لا شريك له0
*******************
ثم بعد ذلك نسرد آيات الله للاستدلال على ذلك مستعينين بحوله وقوته0
قال الله تعالى :
شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَة وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ ۚ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم 18العمران
إن الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَم وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلمُ بَغْياً بينهم ومن يكفر بآيات اللّهِ
فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ۗ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُم ْ ۚ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَوا ْ ۖ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغ ُ ۗ وَاللّـهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَاد 20 آل عمران
ويقول ربنا تبارك وتعالى :
وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفا ً ۗ وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً
125النساء
ويقول عز وجل :
وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِـنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأمور 22لقمان
ويقول سبحانه وتعالى :
أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعونَ 83أل عمران
ويقول عز وجل :
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِــلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ 33فصلت
فاعلم أخي المسلم أن هذه الآيات تدل ابتدءا على :
إن الدين عند الله الإسلام
وأن الله تبارك وتعالى شهد لنفسه بالوحدانية وشهد بذلك الملائكة وأولوا العلم0
وأن الله تبارك وتعالى وجه خطابه الكريم لرسوله صـلى الله عليه وسلم بأن يقول للذين أوتوا الكتاب والذين لم يبلغهم كتاب أن يسلموا وجوههم لله عز وجل وأن الله يهديهم إلى الصراط السوي المستقيم إن هم أسلمـوا لله عز وجل0وأنه صلى الله عليه وسلم أسلم وجهه لله سبحانه وتعالي0
ـ وتبين الآيات أن من أسلم وجهه لله عز وجل وهو محسن فذلك حسن عند الله وجزاءه الجنة 0
وكذا من استمسك بالعروة الوثقى وعقد الإيمان وهو شهادة أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له0
والإحسان درجة أعلى من درجــة الإيمان كما كان ذلك في حديث جبريل عليه السلام عندما أتى ليعلم المسلمين أمور دينهم في معنى الإسلام والإيمان والإحسان والقدر والساعة 0
وتبين الآيات أن الدين عند الله الإسـلام وأنه لا دين إلا الدين الذي ارتضاه الله للعباد وهو دين الإسلام ، أي عبادة الله الواحد
لا شريك له0
وقد أسلم كل خلق الله الذين في السماوات وفى الأرض سواء أكان ذلك رغبة منهم أو على غير رغبة أسلموا لله طوعا أو أسلموا لله كرها 0فهم مسلمون بالفطرة التي خلقهم الله سبحانه وتعالى عليها0
فعن أبى هريرة رضي الله عنه أنه قال :
( اقرأوا ما شئتم قول الله تبارك وتعالى ) :
فأقم وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفا ً ۚ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَـرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّه ِ ۚ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيّـمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ 30الروم
****************
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمـة بهيمة عجماء هل تحسون فيها من جدعاء ) أخرجه البخاري وكتب السنن
أي أن البهيمة تلد بهيمة مكتملة الأعضاء سليمة من النقص وإنما يحدث فيها الجدع أي نقص في الأطراف من قطع حوافر وشق أنف بعد ولادتها 0
فكذلك كل مولود يولد مسلم الوجه لله ثم أهله يخرجونه من الإسلام بتهويده أو تنصيره أو تمجيسه أو جعله بوذيا أو هندوسيا أو عابدا للنجوم أو غير ذلك من ديانات الكفر وملل الشرك التي يتخـذها الناس أديانا لهم على أهواءهم وهى باطلة من دون الله
فالله تبارك وتعالى دعا خلقه إلى عبادته سبحانه وتعالـى وأمر العباد جميعهم بذلك -- جميع خلقـه من ملائكة وجن وانس0
فأخبر سبحانـه وتعالى عن الملائكة أنهم عباد مكرمون مقربون مسلمون لله تبارك وتعالـى لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون مجبولون على العبادة ولا يعصون أمر الله تبارك وتعالى0
وأخبر سبحانه وتعالى عن الجن والإنس أنهم خلقوا لعبادته سبحانه وتعالى في قوله تعالى :وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ( 56) الذاريات
وفى صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
يقول الله تبارك وتعالى : ( خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا )
فالنفس بفطرتها إذا تركت كانت متوجهة لعبادة الله الواحـد
الأحد محبة له تعبده لا تشرك به شيئا ولكن يفسدها ما يزين لها الشياطين – شياطين الإنس والجن بما يوحى بعضهم إلى بعض من الباطل والضلال وزخرف القول غرورا واستكبارا على الله بغير الحق0
وقد أخبر الله تبارك وتعالى أنه أخذ العهد على بنى أدم وهم خلق في الذر بذلك وسمي بذلك بميثاق الذر أي العهد الذي أخذه الله على جميع خلقه وهم في الذر 0
قال الله تعالى :
وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِـــمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُم ْ ۖ قَالُواْ بَلَى¨ شَهِدْنَا¨ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَـةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِـن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِم ْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ) 173 الأعراف
فجميع الخلق أمروا بذلك، أمروا بعبادة الله الواحد الأحد الفرد الصمد 0
أمروا بعبادته سبحانه وتعالى لاشريك له ولا ند له ولا والد له ولا ولد له ولا خليلة ولا صاحبة سبحانه وتعالى عما يشركون
وأرسل الله الرسل وبعث الأنبياء وأنزل معهـم الكتب ليبين
للناس كيف يعبدونه لا يشركون به شيئا0
وليبين لهم المنهاج والشرعة التي يسيرون عليها وينظم لهم
شئون حياتهم من مولدهم إلى يوم مماتهم0
وكان الناس جميعا على الفطرة السوية كما ذكرنا فاجتالتهم الشياطين , شياطين الإنس والجن وصدوهـم عن عبـادة الله الواحـد0
وأنزل الله سبحانـه وتعالى الكتب إلى الناس مع الأنبياء والرسل 0
فمما أنزل الله تبارك وتعالى من الكتب التي ذكرت في القرآن الكريم0
صحف إبراهيم: على سيدنا إبراهيم عليه السلام ولقومه0
قال الله تعالى :
إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) الأعلى
صحُفِ إِبرَاهيمَ وَمُوسى 19الاعلى
صحف موسى: على سيدنا موسى عليه السلام ولقومه
قال الله تعالى :
أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى 36 النجم
صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى 19الأعلى
وأنزلت التوراة :
على سيدنا موسى وهارون عليهما السـلام ولقومها من بنى إسرائيل وللنبيين من بعدهم من بنى إسرائيل0
قال الله تعالى : وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وذكرا للمتقين 48الانبياء
وأنزل الله الزبور:
الزبور كتاب انزله الله سبحانه وتعالى على سيدنا داوود
قال الله تعالى :
إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْـدِه وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيــلَ وَإِسْحَاقَ ويعقـوب والأسباط وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَان وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً 163 النساء
وقال الله تعالى :
وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً 55الاسراء
وأنزل الله الإنجيل:على سيدنا عيسى عليه السلام ولقومه من بنى إسرائيل 0
قال الله تعالى :وقفينا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا
بَيْنَ يَدَيْـهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ۖ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيـلَ فِيهِ هُدًى وَنـُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَة لِّلْمُتَّقِين0
46المائدة وأنزل الله القرآن الكريم:على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وللعالمين انسهم وجنهم0
فكان كل رسول أو نبي يبعث إلى قومه خاصة إلا رسول الله صلى الله عليه وسلـم بعث إلى العالمين من جن وإنس
قال الله تعالى :
وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيِْ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْه ِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَــهُم بِمَا أَنزَلَ اللّه وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقّ ِ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجا ً ۚ وَلَوْ شَاءَ اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّـةً وَاحِــدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم ْ فَاسْتَبِقُوا الخَيرَاتِ ۚ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ 48 المائدة
وهذه الصحف والكتب التي ذكرناها ليست هي فقط التي أنزلت من عند الله ولكن هذه هي التي ذكرت في القرآن الكريم0
فكان لكل نبي أو رسول تعاليم ورسائل من عند الله سبحانه
وتعالى يبين فيها المنهج والشرعة التي يسير عليها قوم النبي أو الرسول0
وقد أرسل الله الرسل وأنزل معهم الكتب0
والدليل على أن الله أرسل الرسل وأنزل الكتب0
قوله تعالى :كان النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّـهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّـرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِـيه ِ ۚ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنهُـــم ْ ۖ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِه ِ ۗ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّستَقِيمٍ 213 البقرة
فأرسل الله النبيين والمرسلين وانزل الكتب لان الله تبارك وتعالى هو العدل فلا يعذب الله أحدا من عباده إلا بعد أن يرسل الرسل ويكشف الحجج بالبراهين الدالة على عبادته ويبين لك في صحفه وكتبه سبحانه وتعالى أنه هو العدل وليس بظلام للعبيد فيبين لعباده من جميع خلقه أنه الواحد الأحد المستحق للعبادة ويدعوهم إلى عبادته وحده لا شريك له0
قال الله تعالى : قل أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادة ً ۖ قُلِ اللّه ِ ۖ شَهِيدٌ
بِيْنِي وَبَيْنَكم ْ ۚوَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ۚ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهـدُونَ أن مَعَ اللّهِ آلِهَــةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَد ُ ۚ قُلْ إِنَّمَا هُو إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ 119الأنعام
وقال تعالى :
رسلا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيما 165النساء
وقال تعالى : مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۚ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نبعث رسولا 115الاسراء
وقد أرسل الله الرسل والنذر إلى كل الأمم 0
قال تعالى :
إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً ۚ وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِير 14فاطر
بل من عدل الله عز وجل أنه أرسل لكل قوم هاد
وقال الله تعالى :
(إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) 7الرعد
ومما أنزل الله تبارك وتعالى كما ذكرنا التوراة لسيدنا موسى على
قومه من بنى إسرائيل ولأنبياء بنى إسرائيل من بعده0
قال الله تبارك وتعالى : إنا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُور ٌ ۚ يَحْكُـمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا استحفظوا مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء َ ۚ فَلاَ تَخْشَـوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَـرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئكَ هُمُ الْكَافِرُونَ المائدة
هذه الآية فيها بيان أن التوراة كتاب من عند الله لم تنزل فحسب لسيدنا موسى وسيدنا هارون ولكن نزلت عليهما وعلى كل نبي من بعد موسى من بنى إسرائيل كسيدنا داوود وسليمان وزكريا ويحيى وأنبياء بنى إسرائيل 00 وفيها أن أنبياء بنى إسرائيل جميعهم مسلمون لله عز وجل وأمرهم سبحانه وتعالى أن يحكموا بها لليهود الذين اهتدوا من بنى إسرائيل0
ويؤيد ذلك أيضا نزول التوراة من عند الله قول الله تبارك وتعالى الم (1) اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (3) مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ ۗ إِنَّ الَّذِينَ كَفَــرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيد ٌ ۗ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (4 ) آل عمران
فالتوراة كتاب من عند الله أنزله على سيدنا موسى وأنبياء بنى إسرائيل الذين أسلموا لله ليحكموا بها الذين هادوا أي اليهود من بنى إسرائيل0
فبنو إسرائيل أقوام منهم :
قوم سيدنا يعقوب عليه السلام ولم تنزل التوراة في زمنه0
-- و قوم سيدنا يوسف بن يعقوب عليهما السلام وإخوته وهم الأسباط ولم تنزل التوراة في زمن يوسف وإخوته ولكن كانت في عقبهم وهم الأسباط0
-- و قوم سيدنا شعيب عليه السلام ولم تنزل التوراة في زمنه بل بعث موسى في زمنه0
-- وقوم سيدنا موسى عليه السلام وأخيه هارون عليه السلام وأنزلت التوراة على سيدنا موسى وكذا الصحف والألواح التي فيها التوراة والشريعة والمنهاج0
-- و قوم سيدنا داوود وسليمان عليهما السلام ونزل الزبور لداوود وكذا كانت التوراة في زمنهما 0
-- و قوم سيدنا زكريا ويحيى عليهما السلام وكانت التوراة في زمنهما0
-- و قوم سيدنا عيسى عليه السلام وكانت التوراة والإنجيل في زمنه 0
كل هؤلاء من بنى إسرائيل وليس ذلك على سبيل الحصر0
وإسرائيل هذا اسـم نبي الله وهو سيدنا يعقــوب فهؤلاء أبناؤه وذريته0
ـ وأنزل الله الإنجيل على سيدنا عيسى عليه السلام لقومه من بنى إسرائيل مكملا للتوراة ومصدقا لها بعد وفاة سيدنا موسى وبعد فترة من الزمن لبنى إسرائيل وفى زمن سيدنا زكريا ويحيى عليهما السلام0
فكفر اليهود بما أنزل على سيدنا عيسى عليه السلام وكفروا بالإنجيل ونصبوا لسيدنا عيسى العداء وأيده طائفة من بنى إسرائيل وهم الحواريون وسموا بالنصارى
قال الله تعالى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونـــوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّـه ِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّه ِ ۖ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيـلَ وَكَفَرَت طَّائِفَة ٌ ۖ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحوا ظَاهِرِينَ 14 الصف
فاليهود طائفــــة من بنى إسرائيل0والنصارى طائفة من
بنى إسرائيل0
وفى نزول الإنجيل يقول ربنا تبارك وتعالى :
وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْـهِ مِنَ التَّوْرَاة ِ ۖ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيـلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْـه مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمتَّقِينَ 46المائدة
في هذه الآية بيان أن عيسى عليه السلام أتاه الله الإنجيل مصدقا لما بين يدي الله من التوراة0
وقال الله تعالى :
وليحكم أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيه ِ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الفاسقون 47المائدة
وقال الله تعالى في القرآن الكريم وفى نزوله الذي أنزله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم للعالمين وأنه كتاب مهيمن على الكتب السماوية التي أنزلها الله جميعا0
قال الله تعالى : وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ ۖ وَلاَ تَتَّبعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجا ً ۚ وَلَوْ شَاءَ اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَات ِ ۚ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ
جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُون 48المائدة
فالله سبحانه وتعالى أنزل التوراة لبنى إسرائيل بالإسلام وأنزل الإنجيل لبنى إسرائيل بالإسلام وأنزل القرآن الكريم مهيمنا على هذه الكتب وناسخا لها ليحكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم للعالمين من يهود ونصارى وغيرهم انسهم جميعهم وجنهم0
ـ والتوراة والإنجيل والقرآن كتب منزلة من عند الله كما ذكرنا وليست التوراة والإنجيل التي بين أيدي الناس الآن بل التي بأيديهم كتب محرفة0
لان الله أنزل الكتب يدعو فيها إلى عبادته وحده لا شريك له ويدعو فيها سبحانه وتعالى على لسان أنبيائه ورسله أصحاب هذه القوميات من بنى إسرائيل خاصة والتي أنزلت لهم هذه الكتب 00 يدعوهم فيها إلى الإسلام إسلام الوجه لله وهو عبادة الله وحده لا شريك له 00 الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد0
ثم عهد سبحانه وتعالى إلى بنى إسرائيل بكتابة وحفظ كتبهم فبدلوا ذلك وحرفوه وكانوا يضعون الكلم في غير مواضعه ليشتروا به ثمنا قليلا فنسـوا حظا مما ذكروا به0
ومما يدل على تحريفهم لكتبهم وتغيير وتبديل دين الله الحنيف إلى
دينهم الباطل الذي يدعون فيه إلى الشرك وعبادة الطاغوت والتثليث الذين هم عليه الآن0
قول الله تعالى :
أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ 75البقرة
وقوله تعالى : فويل لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مـِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ۖ فَوَيْلٌ لَّهم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُون 79البقرة
وقوله تعالى :
مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِه وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِـمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَـعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُـمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً 46النساء
وقوله تعالى : فَبِمَا نَقْضِهِـم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَة يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِـهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِه وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خائنة مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُم َۖاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين 13المائدة
وقوله تعالى :
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفـرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُـمْ¨ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ¨ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوك َ ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلـمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ۖ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْــذَرُوا ْ ۚ وَمَن يُرِدِ الله فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّــهِ شَيْئا ً ۚ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يطهر قلوبهم ْ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْي ۖ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عظيم 41المائدة
فهذه الآيات إنما تدل على أنهم حرفوا كتب الله عز وجل من توراة وانجيل وبدلوهما وحرفوا الكلم عن مواضعه ومن بعد مواضعه ليشتروا بذلك ثمنا قليلا وليشتروا عرض الدنيا الزائل بالآخرة فمأواهم جهنم وبئس المصير وويل لهم مما كتبوا وويل لهم مما يكسبون0
ـ فكفروا بذلك ولعنوا وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت0
فهذا بيان إلى أن هؤلاء اليهود والنصارى من بنى إسرائيل بدلوا دين الله الحنيف الذي أتى به موسى وعيسى عليهما السلام إلى
الدين الباطل الذي هم عليه الآن 0
وأبلغ من ذلك أن اليهود والنصارى ليســوا بأصحاب دين سماوي الآن لان الله تبارك وتعالى كما ذكرنا دعا إلى الإسلام وأمر الأنبياء جميعهم والرسل بالدعوة إلى الإسلام وأنزل الكتب بذلك 00 أنزل الكتب بالهدى ودين الحق ليس فيه شرك ولا ضلا ل ولا تثليث ولا تشبيه ولا تجسيد0
ومن دعوة أنبياء الله ورسلـه إلى الإسلام والى عبادة الله الواحد نذكر من كتاب الله عز وجل الآيات الدالة على إسلام الرسل لله تبارك وتعالى وهو عبادة الله الواحد0
إسلام نوح عليه السلام لله
ففي ذكر سيدنا نوح عليه السلام أول رسل أولى العزم الذي هلك أهل الأرض بدعوته جميعا إلا الذين أمنوامعه0
قال الله تعالى: وَقَالَ نُـوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارا 26نوح
وفى ذكر إسلامه لله ودعوة قومه للإسلام:
قال الله تعالى : وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمــهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وتذكيري بِآيَاتِ اللّهِ فَعَلَى اللّــهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُــمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ
أَمْرُكُمْ عَلَيْكـُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ (71) فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْر ٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّــه ِ ۖ وَأُمِرْتُ أن أكون مِنَ الْمُسْلِمِينَ 72يونس
فهذا بيان أن نوحا عليه السلام كان مسلما لله تبارك وتعالى وأنه أمر بذلك وأمر قومه بالإسلام وعبادة الله الواحد 0
وكان زمن نوح قبل ذكر اليهود والنصارى وأمره الله بالإسلام
فماذا كان دين نوح ؟ ! هل نسب الدين لنفسه أو لاسمه أو لقومه؟ !
أم أنه أسلم لله رب العالمين وكان على دين الإسلام 0
اسلا م إبراهيم عليه السلام وإسماعيل عليه السلام
ففي ذكر سيدنا إبراهيم عليه السلام خليل الرحمن :
يقول الله عز وجل : وإذ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيـلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ربنا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَينِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَـةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيم 128االبقرة
ومن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسه ُ ۚ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ 130البقرة
إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْت لرب العالمين 131 البقرة
فهذا بيان أن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام كانا على الإسلام
وفيه طلب سيدنا إبراهيم من الله أن يجعل الإسلام في ذريته وعقبه من بعده فان إبراهيم كان مسلما لله حنيفا وما كان من المشركين0
قال الله تعالى: مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نصرانيا ولكن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشرِكِينَ 67ال عمران
وكان زمن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام قبل ذكر اليهود والنصارى وقبل نزول القران ولم نجد أن إبراهيم أسمى الديانة التي كان يتبعها باسم قومية أو عنصرية بل كان مسلما لله حنيفا أي منيعا من الشرك و كان أمة قائمة بالتوحيد والإسلام 00 إسلام الوجه لله 0
والعجب أنهم يقولون إن إبراهيم كان يهوديا وآخرون يقولون انه كان نصرانيا0
يقول رب العزة تبارك وتعالى : يا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي
إِبْرَاهِيـمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِه ِ ۚ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ 65ال عمران
ويقول عز من قائل :
مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً
وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين َ67 آل عمران
وفى إسلام يعقوب عليه السلام
يقول رب العزة تبارك وتعالى : وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ(132)أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إبراهيم وإسماعيل وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُون 133البقرة
وهذا أيضا بيان أن يعقوب وهو سيدنا إسرائيل الذين هم من أبنائه وأن إسماعيل وإسحاق وأبناءه من بعده أقروا أنهم يعبدون الله الواحد الأحد ويدينون له سبحانه وتعالى بالإسلام وأبناء يعقوب كما ذكرنا عليه السلام هم بنو إسرائيل 0
إسلام يوسف عليه السلام
وفى ذكر يوسف عليه السلام بن يعقوب عليه السلام بما يفيد أنه كان على الإسلام 0
يقول رب العزة تبارك وتعالى
قال لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِه قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ۚ ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ۚ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا
يؤمنون بِاللّـهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37 ) يوسف
وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـي إِبْرَاهِيـمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّـِه مِن شَيْء ٍ ۚ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّـاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشكُرُون 3 يوسف
في هذا بيان أن يوسف عليه السلام اتبع ملة آباءه الذين أوصوا بالإسلام كما ذكرنا من قبل وبعبادة الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد0
وقال الله تعالى مخبرا عن يوسف عليه السلام :
رب قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيث ِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا والآخرة توفني مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصالحين 101يوسف
ويوسف عليه السلام من بنى إسرائيـل ولم يكن في زمنه التوراة
ولم يدع إلى دينه الإسلام باسم قوميته من بنى إسرائيل ولم يدع إلى نسب الدين إلى اسمه أو إلى عنصريته أو غير ذلك من دعاوى الجاهلية بل دعا الله أن يتوفاه على الإسلام وعلى ما كان عليه إباؤه من عبادة الله الواحد 0
إسلام موسى عليه السلام لله عز وجل
وفى ذكر موسى عليه السلام بما يفيد أنه كان مسلما لله ودعا قومه لذلك يقول رب العزة تبارك وتعالى :
وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنـم مُّسْلِمِيـنَ 84 يونس
وموسى عليه السلام أرسل إلى قومه كما بينا من بنى إسرائيل ولم يدعهم إلى إن يكونوا يهودا أو غير ذلك ولكن دعاهم إلى أن يكونوا مسلمين لله عز وجل0
إسلام السحرة الذين أمنوا من قوم فرعون
ويقول سبحانه وتعالى عن السحرة الذين أمنوا بالله :
وما تَنقِـمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا ۚ رَبَّنَا أَفْرِغْ
عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ 126الاعراف والسحرة كما نعلم جميعا كانوا يبارون موسى بسحرهم المزعوم أي كانوا في زمن موسى وأمنوا بالله ودعوا الله أن يتوفاهم على الإسلام
إقرار فرعون بالإسلام ولم يقبل منه
ويقول سبحانه وتعالى في قصة فرعون عند غرقه وذكر فرعون وإقراره منه بدين الإسلام ولم يقبل من فرعون :
َوجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُـودُهُ بَغْياً وَعَدْوا ً ۖ حَتَّى إِذَا أَدْرَكَـهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِين 90يونس
ولم يقبل منه الله ذ لك وبكته سبحانه وتعالى:
آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسدِينَ 91 يونس فهذه قصة موسى هارون وقومه والسحرة الذين أمنـوا وفرعون كلهم يقرون بأن الدين عند الله هو الإسلام ولم تكن دعوة موسى عليه السلام لبنى إسرائيل إلى قومية أو إلى عنصريـة بل دعوته إلى الإسـلام لا إلى اليهودية0
إسلام داوود وسليمان عليهما السلام وملكة سبأ
وفى ذكر داوود وسليمان من بنى إسرائيل وكذا ذكر ملكة سبأ وإسلامهم لله جميعا0
يقول رب العزة تبارك وتعالى في ذكر داوود وسليمان :
فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ ۖ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ۚ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِين (42 النمل)
وقال الله تعالى مخبرا عن دعوة سليمان إلى الإسـلام والدخول فيه: إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرحمن الرَّحيم 30 أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31)النمل
وفى ذكر ملكة سبأ التي أسلمت مع سليمان لله رب العالمين : قيل لَهَا ادْخُلِـي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمرَّدٌ مِّن قَوَارِير قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سلَيْمَانَ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 44النمل وداوود وسليمان وملكة سبأ كانوا في زمن بنى إسرائيل وهم من أنبياء بنى إسرائيل من بعد موسى ولم يدعوا إلى يهودية ولا إلى قومية ولا إلى عنصرية بل دعوا إلى الإسلام0
إسلام عيسى عليه السلام لله عز وجل وإسلام أنصاره:
وفى ذكر عيسى عليه السلام وإسلامـه لله وإسلام حوارييه
يقول الله عز وجل مخبرا عن عيسى : إن اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوه هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيم 51ال عمران
وقال الله تبارك وتعالى :فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْـرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّه ِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّـهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ 52 رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أََََََََََََََََنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِين 53 أل عمران
ويقول سبحانه وتعالى :
وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسولِي قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهـدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ 111 المائدة فهذا بيان جلي أن الله أوحى إلى الحواريين أن يؤمنوا بالله وبرسوله عيسى عليه السـلام وأنهم على الإسلام0وفيه بيان أن عيسى عليه السلام رسول الله وأن الله رب عيسى وليس بأبيه وأن عيسى ليس بابن لله ولكنه رسول من الله إلى بنى إسرائيل
مثله في الخلـق كمثل أدم 0
قال الله تعالى : إن مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَم َ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ 59 أل عمران
وقال الله تعالى : مخبرا عن عيسى عليه السلام وأنه لم يشرك بالله شيئا :وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَــى ابْنَ مَرْيمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَـقّ ٍ ۚ إِن كُنتُ قُلْتـهُ فَقَدْ عَلِمْتَه ُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِك َ ۚ إِنَّكَ أَنتَ علام الغيوب (116) مَا قُلْتُ لَهُـمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُـدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكـم ْ ۚ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِم ْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِـم ْ ۚ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شهيد 117المائدة
فهؤلاء الأنبياء والرسل جميعهم وأتباعهم كلهـم يذكر الله تبارك وتعالى عنهم أنهم كانوا على الإسـلام0
وهذا جلي واضح في قوله تعالى: ومن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً
فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسرِينَ 85 ) آل عمران
وفى قوله تعالى :
قُلْ آمَنَّا بِاللـهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُـوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيّـونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ 84 آل عمران
هذا حكم عام في الأولين والآخرين
( إن الدين عند الله الإسلام)
وقد ورد في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إنا معشر الأنبياء ديننا واحد وان أولى الناس بابن مريم لأنا لأنه ليس بيني وبينه نبي )0
وفى لفظ أخر عند مسلم: ( أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الأولى والآخرة قالوا كيف يا رسول الله 00قال الأنبياء أخوة من علات وأمهاتهم شتى ودينهم واحد فليس بيننا نبي )0
فكانت دعوة الأنبياء والرسل جميعهم إلى عبادة الله الواحد والى الإسلام الدين الذي ارتضاه الله للعباد والى نبذ الشرك والضلال فكانت دعوة هود لقومه عاد -- ودعوة صالح لقومه ثمود-- ودعوة لوط لقومه-- ودعوة لقمان ودعوة يونس 00 كل الأنبياء دعوا إلى عبادة الله الواحد وهو الإسلام إسلام الوجه لله والخضوع والإذعان لعبادة الله وحده لا شريك له0ولكن اختلفت الشرائع والمناهج من نبي إلى أخر ومن قوم إلى قوم مع ثبات الأصل وهو التوحيد وهو الإسلام0
يقول ربنا تبارك وتعالى : وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَـقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْه مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْه ِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّه ُ ۖ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقّ ِ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجا ً ۚ وَلَوْ شَاءَ اللّهُ لَجَعَلَكمْ أُمَّةًوَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم ۖ فَاسْتَبِـقُـوا الخَيْرَات ِ ۚ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ 48 المائدة
اختلفت الشرائع في الأحكام الشرعية العملية التي تنظم لهم شئون الحياة ولم تختلف في الأصل الذي هو توحيد الله وإفراده بالعبودية وتنزيهه سبحانه وتعالى عن النقائص وعن خلقه وحمده
والثناء عليه سبحانه وتعالى عما يشركون0
فقد قال الله تعالى : شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْه ِ ۚ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ
فالدين واحد في الأصل وهو عبادة الله الواحد وهو الإسلام0
( إن الدين عند الله الإسلام )
ولكن جعل الله لكل أمة منهج وشرعة في الحياة العملية لا تتعارض مع عبادة الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد0
أرسلت الرسل وبعثت الأنبياء وأنزلت الكتب بالإسلام الحنيف0
ولا يوجد بما تدعوا إليه المحافل الدولية والمجتمعات بما يسمى بالأديان السماوية الثلاثة 0
فلم قصرتم الأديان إن سلمنا بقولكم على أنهم ثلاثــة لم لم
تجعلوها بعدد الأنبياء والرسل 00 ولكن هل ذهب بكم القصور في الفهم إلى هذا الحد0
فلا يوجد دين سوى الإسلام ولم ينزل الله تبارك وتعالى دينا يسمى باليهودية أو النصرانية أو المسيحية أو البهائية أو المجوسية أو القاديانية أو الهندوسية أو البوذية أو غير ذلك من أسماء القوميات والعنصريات التي نسبت لنفسها ملل ونحل وصاروا ينسبونها إلى الله عز وجل وأنها نزلت من السماء0
واعلموا أنه لا ينسب دين إلى نبي ولا إلى قوم فلا وجود عند الله لليهودية كدين ولكنها قومية ولا وجود للنصرانية عند الله كدين ولكنها قومية0 وخاطبهم الله عز وجل في القرآن الكريم على أنهم أقوام من بنى إسرائيل أنزل عليهم التوراة والاتجيل كتب من عنده سبحانه وتعالى يدعوهم فيها إلى الإسلام والى عبادة الله الواحـد لا شريك له ولكن حرفوهما ولبسوا الحق الباطل ليشتروا بذلك ثمنا قليلا وهى الحياة الدنيا وما فيها0
فبدلوا الدين الحنيف الذي هو الإسلام الذي أتت به رسلهم موسى وعيسى والنبيون من ربهم إلى دين نسبوه إلى قوميتهم من يهودية ونصرانية0
فهي قوميات أو جماعات قبلية عنصرية وان شئت فقل جماعات
عصبية من بنى إسرائيل وحدث عنهم ولا حرج
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بلغوا عنى ولو آية وحدثوا عن بنى إسرائيل ولا حرج أخرجه البخاري ومسلم وكتب السنن
وللأسف إن المسلمين الذين يشهدون لله بالتوحيد ويشهدون أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا رسول الله التبس عليهم الأمر في هذا الفهم0بأن اليهودية والنصرانية دينان من عند الله ونسوا أن اليهود قوم من بنى إسرائيل والنصارى قوم من بنى إسرائيل اتخذوا الدين بأسماء قومياتهم فصار دينا من عند أنفسهم وليس من عند الله0بل وصل الأمر إلى أنهم يقرون بانهما أديان سماوية ويدعون بما يسمى بالأديان السماوية الثلاثة أو بما يسمى بزمالة الأديان ويؤلفون الكتب الثقافية في المقارنة بين الأديان السماوية الثلاثة وذلك لجهلهم وعدم علمهم بأن الدين واحد وهو عند الله الإسلام وأن ما سوى الإسلام باطل وكفر وشرك وضلال وطواغيت0
ـ فكيف نقارن بين ماهو من عند الله وهو الإسلام وبين ما
هو من عند الناس وهما اليهودية والنصرانية وغيرهما من ملل الشرك والضلال0
ـ فالإسلام هو دين الله الذي ارتضاه للعباد وهو دين ليس فيه شرك ولا ضلال 0
ـ واليهودية والنصرانية ديانات من عند الناس فيهما الشرك والكفر والضلال0
ـ الإسلام دين من عند الله أنزله الله عز وجل يحفظ ضروريات الحياة من نفس ونسل وعقل ومال
ـ اليهودية والنصرانية دينان من عند الناس ألفوهما على أهوائهم بريء منهما موسى وعيسى عليهما السلام0
ـ فموسى وعيسى عليهما السلام دعوا إلى الإسلام والى عبادة الله الواحد ولم يدعوا إلى الشرك والى الضلال0
ـ فعيسى عليه السلام لم يدع كونه اله أو كونه ابن الله
أو كونه ثالث ثلاثة ولم يأمر بصليب ولا بشرك0
ـ وموسى عليه السلام دعا إلى عبادة الله الواحد والى الإسلام
ـ فكيف يجتمع ما هو دين من عند الله مع ما ليس بدين من عند الله0
ـ فكيف يجتمع الحق مع الباطل0
ـ وكيف يجتمع التوحيد مع الشرك أو الإيمان مع الكفر0
ـ فكيف يجتمع ما أنزل الله وارتضاه لعباده وهو الإسلام وبين ما اخترعه الناس وألفوه وابتكروه وحرفوه من عند أنفسهم وجعلوه دينا لهم يشركون فيه بالله0
ـ فكيف نقارن بين حق وضلال ، فالمقارنة لا تكون إلا بين صحيح وصحيح حتى يكون الترجيح ولا يكون ذلك بين حق وباطل 0
قال الله تعالى : (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً (88) لَقدْ جِئْت
شَيْئاً إِدّاً 89 تَكَادُ السمَاوَاتُ يَتَفَطّرْنَ منه وتنشــق الْأَرْضُ
وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً (90) أَن دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (91) وَمَا يَنبَغـي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً (92) إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وعدهم عدا(94) وكلهم أتيه يوم القيامة فردا 95مريم
فموسى وعيسى عليهما السلام كلاهما أسلم الوجه لله وكلاهما أمر بعبادة الله وكلاهما بريء من الشرك والتثليث وعبادة الصليب بل ولم يصلب بل ولم يقتل عيسى عليه السلام كما يزعمون0
قال الله تعالى : ( وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبـه لهم وان الذين اختلفـوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا إتباع الظن وما قتلوه يقينا ) 157 ( بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما ) 158 النساء
فنكرر ونقول أنه لا يوجد بما يسمى بالأديان السماوية الثلاثة بل هو دين واحد اسمه الإسلام نزل على كل الأنبياء من لدن أدم
إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولكن اختلفت الشرائع
والمناهج في التطبيق بين كل نبي وأخر وبين كل قوم وآخرين 0اختلفت المناهج والشرائع في العبادات والمعاملات ولم تختلف في أصل الدين الواحد وهو الإسلام ولم تختلف في أصل الشريعة وهى عبادة الله الواحد لا شريك له0
والدعوة المزعومة إلى الوحدة بين الأديان السماوية الثلاثة وعقد المؤتمرات لذلك تظهر أحيانا بما يسمى بزمالة الأديان أو باسم التقريب بين الحضارات أو جمعيات الصداقة بين الأديان0
هذه الدعوة دعوة مذمومة خبيثة هدفها الحقيقي هو أن يكسب اليهود والنصارى في هذا العصر اعترافا من المسلمين بصحة أديانهم الباطلة0
بل ويصل الأمر إلى أن تبدل كلمة الكفر لهم عند المسلم وكلمة الشرك بأنهم ليسوا بكفار ولا مشركين بل هم أهل كتاب ويظن المسلم بذلك أنهم على الحق0
والصواب نعم أنهم أهل كتاب ولكن كفروا وأشركوا وبدلوا دينهم فكانوا على الإسلام الحنيف وانتقلوا إلى الكفر وهذا كثير
في الاستدلال من كتاب الله عز وجل ونورد من بعض الآيات على أنهم كانوا أهل كتاب فكفروا ووصفهم الله بالكفر0
يقول الله تبارك وتعالى :
ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكيـنَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ ۗ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِـهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ 105البقرة
هذا وصف لهم بأنهم كفار من أهل الكتاب0
وقال الله تعالى :
وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُـمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَـقّ ُ ۖ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِه لاِ ۗ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 109البقرة)
هذا وصف لهم بأنهم يحسدون المؤمنين ويودون أن يكفر المؤمنون مثلهم
وقال الله تعالى : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأَنتُم تشهدون 70ال عمران
هذا وصف لهم على أنهم كفروا بآيات الله
ويقول الله تعالى : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ 71أل عمران هذا وصف لهم على أنهم يلبسون الحق بالباطل0
وقال الله تعالى: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهمُ الْبَيِّنَةُ (1البينة)
وهذا كثير في كتاب الله لأنهم بدلوا الإسلام الحنيف بدين الشرك الذي ينتسبون إليه الآن0
فيجب على المسلم أن لا يتوهم ولا يظن أن أهل الكتاب من يهود ونصارى ليسوا بكفار وبذلك تموت نصرة الإسلام الذي هو دين الله عز وجل ويموت إقرار الشرك والكفر لدى المسلم على اليهود والنصارى الذين قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه عما يشركون0
والثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار )0
والدعوة إلى زمالة الأديان وإقرار اليهود والنصارى على شركهم إماتة للجهاد في سبيل الله واماته للدفاع عن الله عز وجل والله هو الغنى عن العالمين0وإماتة الجهاد إحياء للشرك الذي وكل الله العباد في الأرض بمحوه ، والدعوة إلى زمالة الأديان مشاركة قوانين الشرك لقوانين الإسلام وعدم تمكين شرع الله في الأرض من إقامته0
بحجة أن الدين لله والوطن للجميع
والصواب أن الدين لله والوطن لله
قال تعالى : اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُـمْ وَلَا يُحِيطُونَ
بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) البقرة
قال الله تعالى :قل إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِـي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(162) لاَ شَرِيكَ لَه ُ ۖ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) 163 الأنعام
وقال الله تعالى: قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبرُوا ْ ۖإِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِه ِ ۖ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين 128
وقال الله تعالى :وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (109) آل عمران
وقال تعالى :
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (129) آل عمران
وقال تعالى : وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126) النساء
وقال تعالى : وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ
الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى(31)
فالدين لله والوطن لله وكل ما فى الكون لله من خلق وأنظمة وإيمان وكفر ،كله من خلق الله ، فهو الملك الذي يملك وهو الذي له الملك وله الحكم وهو على كل شيء قدير سبحانه عز وعلا ، فالله خالق كل شيء لا خالق سواه وهو الذي ارتضى الدين لخلقه فلا يصرف ما خلق الله لغير الله 0
ورسول الله صلى الله عليه وسلم حاور اليهود في المدينة سنين طوالا ولم يدعهم إلى زمالة الأديان ولم يقر بأن دينهم سماوي ولم يدعهم إلى توفيق دينهم الباطل مع دين الإسلام بل دعاهم إلى الإسلام وقاتلهم على ذلك ولم يقرهم على الباطل والشرك الذي كانوا عليه0
مناظرة النبي صلى الله عليه وسلم لنصارى نجران فى عيسى عليه السلام
ورسول الله صلى الله عليه وسلم حاج وفد نجران الذين أتوا إليه يحاجوه في عيسى عليه السلام وذلك أن النصارى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فخاصموه في عيسى بن مريم 0
وقالوا : هو اله من أبيه00
وقالوا على الله الكذب والبهتان سبحانه وتعالى عما يشركون0
فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم :
ألستم تعلمون أنه لا يكون ولدا إلا وهو يشبه أباه ؟
قالوا : بلى0
قال : ألستم تعلمون أن ربنا حي لا يموت وأن عيسى
يأتي عليه الفناء؟
قالوا : بلى0
قال :ألستم تعلمون أن ربنا قيم على كل شيء يكلؤه ويحفظه ويرزقه ؟
قالو ا : بلى0
قال : فهل يملك عيسى من ذلك شيئا ؟
قالوا : لا0
قال : ألستم تعلمون أن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ؟
قالوا : بلى0
قال : فهل يملك عيسى من ذلك شيئا ؟
قالوا : لا0
قال : فان ربنا صور عيسى في الرحم كيف شاء فهل تعلمون ذلك ؟
قالوا : بلى0
قال : ألستم تعلمون أن عيسى حملته أمه كما تحمل المرأة ثم وضعته كما تضع المرأة ثم غذى كما يتغذى الصبي ثم كان يطعم الطعام ويشرب الشراب ويحدث الحدث
قالوا : بلى0
قال : فكيف يكون كما زعمتم ؟
قال : فعرفوا ثم أبوا إلا جحودا0
فأنزل الله تبارك وتعالى صدر سورة آل عمران إلى قوله تبارك وتعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُـمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْـرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّه ِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشهدوا بأنا مُسْلِمُونَ (64 ) آل عمران
فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يوفق دينهم الباطل في دين الإسلام الحق بل دعاهم إلى الإسلام والى عبادة الله الواحد والى نبذ الشرك والضلال 0
وليعلم المسلم أن الله لم ينزل دينا من عنده يدعو فيه إلى الكفر
والشرك سبحانه وتعالى عما يشركون0
بل أن الله تبارك وتعالى كفر اليهود والنصارى
فقد قال سبحانه وتعالى : لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالوا إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيح ابْنُ مَرْيَم َ ۚ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعا ً ۗ وَلِلّهِ
مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قدِيرٌ 17المائدة
وقال الله تعالى :لقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ
مَرْيَم َ ۖ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النار وما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار ٍ72 المائدة
هذا بيان أن المسيح بن مريم عليه السلام عبد من عباد الله
وقال الله تعالى : لقد كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّـهَ ثَالِثُ ثَلاَثَة ٍ ۢ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدۚ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُــونَ
لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيم 73 المائدة
هذا بيان إلى أن المسيح بن مريم ليس باله وأنه أمر بنى إسرائيل بعبادة الله ربه وربهم وأن جزاء من يشرك بالله النار وما للظالمين من أنصار0
وقال الله تعالى : أفلا يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ ۚ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ 74المائدة
هذا بيان أن الله واحد لا شريك له وأن الله يقبل التوبة منهم إذا تابوا عن الشرك وأمنوا بالله الواحد وبرسولـه محمد صلى الله عليه وسلم واستغفروه وإلا ليمسنّهم من الله عذاب أليم0
ـ لم تألهون عيسى عليه السلام أو تجعلونه ابن الله فما عند عيسى عليه السلام عند غيره من الأنبياء والرسل ومن خلق الله0؟
وقال الله تعالى : مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَة كَانَا يَأْكُـــلاَنِ الطَّعَـام انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُـمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُـرْ أَنَّى يُؤْفَكُون 75المائدة
هذا بيان إلى أن عيسى بن مريم عليه السلام
كان رسول الله وكانت أمه صديقة وكان يجرى عليهم ما يجرى على البشر 0
بل وأكثر من ذلك أن النصارى قد غلوا في دينهم غير الحق وذلك بزعمهم أن عيسى عليه السلام اله أو هو ابن اله أو ثالث ثلاثة وذلك بكفرهم وقولهم على الله بهتانا وإثما مبينا0
ـ وقالوا إن عيسى يحيى الموتى وقد أغفلوا أن ذلك لا يكون إلا بإذن الله 0
ـ وقالوا أن عيسى عليه السلام يعلم الغيب وذلك بإنبائهم ما
يأكلون وما يدخرون في بيوتهم0
وأنه عليه السلام ولد من غير أب له فهو على ذلك يكون اله أو ابن اله0وغلوا في دين الله غير الحق فقالوا على الله الكذب والبهتان0
ونسوا أن كل هذه معجزات أجراها الله على يد عيسى عليه السلام كما أجرى من قبل ومن بعد معجزات مثلها وأقوى منها على أيدي أنبيائه ورسله 0
فالله عز وجل له شأن في خلقه سبحانه وتعالى وفى تفضيل أنبيائه بعضهم على بعض0
ـ فخلق الله أدم عليه السلام من تراب من غير ذكر ولا أنثى0
ـ وخلق عز وجل حواء من غير أنثى من ظهر أدم عليه السلام بدون أنثى 0
ـ وخلق عيسى عليه السلام من أنثى بلا ذكر حملته أمه كما تحمل النساء وولدته كما تلد النساء 0
ـ وخلق جميع خلقه من بنى البشر من ذكر ومن أنثى 0
فأي الخلق أعجب وأعظم في التدبر والتفكر ؟
ـ عيسى عليه السلام الذي خلقه الله في رحم أمه وبشرها بذلك الملائكة بأن الله إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون0
ـ أم أدم عليه السلام الذي خلقه الله من تراب ثم قال له كن فيكون0
ـ أم خلق حواء التي أخذها الله من الضلع الأيسر الأعلى الأعوج من ظهر أدم عليه السلام0
لا شك أن من كان عنده مسكة عقل فليميز!!!
ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُـونَ 37 إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38 ) القلم
ثم إن الله عز وجل له شأن في خلقه كما ذكرنا0
فمما خلق الله نبارك وتعالى :
ـ كبش إسماعيل عليه السلام أنزله الله من السماء لسيدنا
إبراهيم عليه السلام فداءا لإسماعيل من ذبحه وهو خلق من خلق الله لا نعرف له أب ولا أم بل هو من عند الله عز وجل 0
ـ ناقة صالح لا نعرف لها أب ولا أم بل هي ناقة من عند الله عز وجل 0
ـ عصا موسى عليه السلام التي جعلها الله حيــة تسعى على الحقيقة كما أعطى لعيسى عليه السلام أن يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه بإذن الله فيكون طيرا 0
فكما أعطى الله لعيسى عليه السلام تحويل الجماد الذي لا حياة
فيه إلى روح فيها الحياة بإذن الله ، أعطى لموسى من قبل مثل ذلك بان حول له العصا إلى حية تسعى فيها الحياة بإذن الله 0
فمثل عيسى عند الله كمثل أدم في قول الله تعالى :
إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ
لَهُ كُن فَيَكُون 59ال عمران
وكما زعموا أن عيسى عليه السلام يحيى الموتى وأغفلوا بذلك قوله عز وجل ( بإذن الله)
فنقول وبالله تعالى التوفيق :
إن من أنبياء الله من أجرى الله على أيديهم معجزة إحياء الموتى غير عيسى عليه السلام0
فمنهم إبراهيم عليه السلام لما طلب من الله رؤية كيفية إحياء الموتى0
قال الله تعالى :( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيـمُ رَبِّ أزني كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ۖ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ 260 البقرة
ولم يكن إبراهيم عليه السلام شاكا في البعث 0
ـ وأيضا موسى عليه السلام في قصة البقرة لما أمره الله بضرب الميت ببعض البقرة فأحياه الله وأخبر الميت من الذي كان قتله
قال الله تعالى :وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ۖ وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتمْ تَكْتُمُون 72 فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ۚ كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ
الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكمْ تَعْقِلُونَ 73البقرة
********************
ـ فكانت معجزات أجراها الله على يد عيسى عليه السلام بإذن الله ليرى لقومه دلائل مادية على قدرة الله عز وجل 0
فأرسل الله إليهم عيسى عليه السلام يكلمهم في المهد ويحيى الموتى وينبئهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم بإذن الله وجعله
الله و أمه آية لهم0
وكما قال عيسى عليه السلام في قول الله تعالى : وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّا 33مريم
ـ قال الله عن يحيى عليه السلام في قول الله تعالى : وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّا 15مريم
ـ وكما بشرت الملائكة مريم باسم المولود (عيسى )
بشرت الملائكة زكريا عليه السلام باسم المولود(يحيى )
قال الله تعالى : يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُــهُ يَحْيَى لَمْ
نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً 7مريم
وأما ادعائهم بان عيسى عليه السلام يعلم الغيب وذلك بإنبائهم ما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم0
فقد قال الله تعالى عن أنبيائه :
مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبيـثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يشاء فآمنوا بالله وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وتتقوا فلكم أَجْرٌ عَظِيمٌ179ال عمران
وقد أطلع الله عز وجل نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم يوم حفر الخندق بملك الفرس والروم وبفتح قسطنطينية عند ضربه
للصخرة وظهور الوميض منها وأطلعه على بعض الغيب يوم أسرى به صلى الله عليه وسلم وأعرج به إلى السماوات العلى وأراه الجنة والنار وأراه سدرة المنتهى وأراه الأنبياء وأراه خلق كثير ينعمون ويعذبون0
وزعموا أن عيسى عليه السلام تكلم في المهد وهذا لا يكون لأحد غيره0
والصواب أن من تكلم في المهد كما ورد في السنة الشريفة ثلاثة
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ عِيسَى وَكَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ كَانَ يُصَلِّي جَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ فَقَالَ أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي فَقَالَتْ اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ الْمُومِسَاتِ وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ فَتَعَرَّضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوَلَدَتْ غُلَامًا فَقَالَتْ مِنْ جُرَيْجٍ فَأَتَوْهُ فَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ وَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الْغُلَامَ فَقَالَ مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ قَالَ الرَّاعِي قَالُوا نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ لَا إِلَّا مِنْ طِينٍ 0وَكَانَتْ امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنًا لَهَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ رَاكِبٌ ذُو شَارَةٍ فَقَالَتْ اللَّهُمَّ اجْعَلْ ابْنِي مِثْلَهُ فَتَرَكَ ث
َدْيَهَا وَأَقْبَلَ عَلَى الرَّاكِبِ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهَا يَمَصُّهُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَصُّ إِصْبَعَهُ ثُمَّ مُرَّ بِأَمَــةٍ فَقَالَتْ اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ ابْنِي مِثْلَ هَذِهِ فَتَرَكَ ثَدْيَهَا فَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا فَقَالَتْ لِمَ ذَاكَ فَقَالَ الرَّاكِبُ جَبَّارٌ مِنْ الْجَبَابِرَةِ وَهَذِهِ الْأَمَةُ يَقُولُونَ سَرَقْتِ زَنَيْتِ وَلَمْ تَفْعَلْ صحيح البخاري
فالذين تكلموا فى المهد ثلاثة ( عيسى عليه السلام وابن الراعي فى قصة جرير وابن المرأة التى ذكرنا فى الحديث
فأجرى الله تبارك وتعالى المعجزات والبينات والدلائل على أيدي أنبيائه ورسله وفضل بعضهم على بعض0
قال الله تعالى :
تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍۢ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ ۖ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ۚ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ۗ وَلَوْ شَاءَ اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِـم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَـكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ ۚ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيد
وقال تعالى :
وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ
النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ ۖ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً 55الاسراء
فجعلهم جميعا من عباده المخلصين وفضلهم على بعض بحكمته سبحانه وتعالى واصطفاهم واجتباهم على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم0
ـ فمنهم ادم عليه السلام خلقه الله بيده سبحانه وتعالى ثم قال له كن فيكون 0
ـ ومنهم إبراهيم عليه السلام خليل الرحمن الذي كان أمة في التوحيد وكان حنيفا منيعا من الشرك وأقام الله به الحجة على
قومه أبو الأنبياء صلى الله عليه وعلى أله وصحبه وسلم ، الذي
أمرنا الله أن نتبع ما كان عليه من ملة ، حنيفا مسلما وما كان
من المشركين0
ـ ومنهم نوح عليه السلام الذي جادل قومه فأكثر جدالهم وأتعبهم بدعوته للتوحيد وأقام عليهم الحجة
ـ ومنهم صالح والناقة التي أرسلها الله إلى قومه فتنة ولم يصبروا عليها0
ـ ومنهم الذي أعطاه الله تأويل الرؤى وحسن الوجه والحكمة مثل يوسف عليه السلام0
ـ ومنهم موسى كليم الله الذي كلمه الله تكليما وجعل له تسع
آيات بينات إلى فرعون وقومه ، والعصا التي كان يتوكأ عليها ويهش بها على غنمه أمره الله عز وجل أن يضرب بها الحجر فانفجرت اثنتي عشرة عينا للأسباط يشربون لما طلبوا منه أن يستسقي لهم0
وأمره الله أن يضرب بها البحر فانفلق كل فرق كالطود العظيم لما أدركه فرعون و جنود فرعون عدوا وبغيا وهداه الله لذلك0
وجعلها الله له حية تسعى أية أخرى عند مباراته مع السحرة وبسببها أمن السحرة من قوم فرعون بالله العلى العظيم0
ـ وسيدنا هارون أعطاه الله فصاحة الكلام وكان أفصح كلاما من موسى عليه السلام وجعله الله نبيا ووزيرا لموسى0
ـ ومنهم من أماته الله مائة عام ثم بعثه ليريه إن الله قادر على البعث مثل عزير0
ـ ومنهم من أجرى على يديه المعجزات وأيده بروح القدس جبريل عليه السلام مثل عيسى عليه السلام 0
ـ ومنهم من أسماه الله من فوق سبع سماوات مثل يحيى بن زكريا0
ـ ومنهم من ألان الله له الحديد(أي جعله لينا مطاوعا له وأعطاه الصوت الحسن مثل داوود عليه السلام وأعطاه الملك
والنبوة0
ـ ومنهم من أعطاه الله ملكا لا ينبغي لأحد من بعـده مثل سليمان عليه السلام0
ـ ومنهم من أعطاه الله علما من لدنه عز وجل مثل الخضر عليه السلام0
ـ ومنهم من أعطاه الله من كل شيء سببا ثم أتبع سببا مثل ذو القرنين0
ـ ومنهم من أعطاه الله الصبر الذي لا يطيقه أحد من البشر
مثل أيوب عليه السلام0
ـ ومنهم من أعطاه الله الحكمة مثل لقمان عليه السلام0
ـ ومنهم من أعطاه الله المعجزة الأبدية التي تحدى بها البشر أن يأتوا بسورة من مثله أو بآية من مثله وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم صفى الله وخليله وحبيبه ورفع ذكره وشرح صدره بالقران الكريم وأسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وأعرج به إلى السماوات السبع ورأى من آيات الله ما لم يره أحد من أنبياء الله0
كل هذا وليس على سبيل الحصر تأييد الله لأنبيائه ورسله لإقامة الحجة البالغة على الأمم وعلى قومهم0
وقد قمنا بسرد هذه الأمور حتى لا يفرق أحد بين الله ورسله وبين رسل الله بعضهم عن بعض ولكن نؤمن بهم جميعا ولا نجعل عيسى عليه السلام إلها أو أنه ابن اله أو نجعله ثالث ثلاثة أو نجعل عزير ابن الله ..خاصة أن الله قد جمع بين الأنبياء بقدر مشترك في المعجزات ولكنها تتفاوت بين كل نبي وأخر كما ذكرنا0
ـ وسيدنا عيسى على الخصوص له قدر مشترك بين سيدنا إبراهيم وسيدنا موسى عليهما السلام في إحياء الموتى بإذن الله
ـ وسيدنا عيسى عليه السلام له قدر مشترك مع سيدنا موسى عليهما السلام في تحويل الله لهما الجماد ليكون حياة بإذن الله
كما أوضحنا سابقا0
ـ وسيدنا عيسى له قدر مشترك بينه وبين سيدنا يحيى عليه السلام في اشتمالهما على السلام يوم ولدوا ويوم يموتوا ويوم يبعثوا أحياء0
وأيضا في تسميتهما من عند الله عز وجل0
هذا كله حتى لا تغلوا في أنبياء الله ونجعلهم آلهة يعبدون من دون الله0
قال الله تعالى :
مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّة ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُـونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ (79) وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً ۗ أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِـمُون (80 ) أل عمران
وقد أنذر الله من فرق بين رسله ومن أمن ببعض منهم وكفر ببعض بأن لهم عذاب مهين وجعلهم الله هم الكافرون حقا 0
قال تعالى :إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِـهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِـهِ وَيقُولونَ نُؤْمِنُ بِبَـعْضٍ وَنَكْفرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيــلاً (150)
أُوْلَـئِكَ هُـمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً ۚ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً
ووعد الله من أمن بالله ورسله ولم يفرق بين أحد من رسله الأجر العظيم0
قال الله تعالى : وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُـمْ أُوْلَـئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ ۗ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً 152النساء
ومن عقيدة المؤمن الصحيحة أن يؤمن بكل رسل الله عز وجل
ولا يفرق بين أحد من رسله0
قال الله تعالى : آمَنَ الرَّسُـولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُـونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وملائكته وَكُتُبِهِ وَرُسُلِـهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنــَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ 285البقرة
قال الله تعالى : قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّه ِ ۚ
مَن لَّعَنَهُ اللــهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُـم الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ 0 60المائدة
ويقول رب العزة تبارك تعالى : وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّه ۖ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِم ْ ۖ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَــرُواْ مِن قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللّه ُ ۚ أَنَّى يُؤْفَكُونَ 30التوبة
فهذا بيان للناس عامة وللمسلمين خاصة
أن الدين عند الله الإسلام مذ بدأ الله الخلق والى أن تقـــوم
الساعة0وأنه لا يوجد بما يسمى باليهودية والنصرانية كأديان من عند الله بل هي قوميات اتخذها أهلها أديان من عند أنفسهم ما أنزل الله بها من سلطان0وموسى وعيسى عليهما السلام وكل الأنبياء من قبلهم عليهم السلام دعوا إلى عبادة الله الواحد والى الإسلام كما ذكرنا من قبل0وان اليهود والنصارى حرفوا ما أنزل إليهم من توراة وانجيل وطمسوا على الآيات الحق واستبدلوها بآيات تدعوا إلى شركهم وكفرهم وما هم عليه من ضلال الآن 0
قال الله تعالى : يرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِـمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَــلَ رَسُولَهُ
بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ 9الصف
أي هو الذي أرسله رسوله بدين الإسلام ليظهره على كل دين باطل اتخذوه من دون الله 0
وقال تعالى : هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهـرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّه ِ ۚ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيد ا
القومية
هي اسم ينتسب إليه جماعة من الناس يطلق عليهم(قوم ) أو أقوام0
ومعنى القوم في اللغة : هم الرجال دون النساء لأن الرجال منهـم النصرة والغلبة ولا يكون ذلك للنساء0
قال الله تعالى : ( لا يسخر قوم من قوم ) ثم قال عز وجل ( ولا نساء من نساء)
وربما أدخل الله النساء في القوم على سبيل التبع لأن قوم كل نبي رجال ونساء0
وجمع القوم أقوام ـ وجمع الجمع أقاوم و أقائم0
والقوم يذكر ويؤنث لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كان للآدميين يذكر ويؤنث مثل الرهط والنفر والقوم والنساء والنعم والغنم والخيل0
قال الله تعالى : ( وكذب به قومك )
وقال الله تعالى : ( وكذبت قوم نوح ) مختار الصحاح
فالقومية اسم مشتق من أسماء ينتسب الناس إليها0
أو من أفعال ينتسب الناس إليها ويفعلونها0
أو من بلدان وأقاليم ودول ينتسب الناس إليها0
أو من جماعات فكرية أو أنظمة أو أحزاب أو ملل أو طوائف وغير ذلك0
أو من وصف يتصف الناس به ويكون مطابقا لأحوالهم
ومن الأقوام التي جاء ذكرها في القرآن الكريم وليس ذلك على سبيل الحصر0قوم نوح ـ قوم عاد أو قوم هود ـ قوم ثمود أو قوم صالـح ـ قوم موسى ـ قوم فرعون ـ قوم إبراهيم ـ أصحاب مدين أو قوم شعيب أو المؤتفكات أو أصحاب الأيكة ـ قوم يونـس ـ قوم لوط ـ قوم ملكة سبأ ـ قوم داوود وسليمان ـ قوم النبي محمد صلى الله عليه وسلم ـ المهاجرين ـ الأنصار ـ الأحزاب ـ اليهود ـ النصـارى ـ الحواريون ـ السحرة الذين أمنوا من قوم فرعون
ـ أهل بدر ـ أهــل مكة ـ أهل المدينـة
وليس ذلك على سبيل الحصر
والقومية التي اشتقت من الأفعال ولها أمثلة في كتاب الله عز وجل : القوم الظالمين ـ القوم الكافرين ـ القوم الخاسرين ـ القوم الفاسقين ــ القوم المسرفين ـ القوم المؤمنين ـ قوم لا يؤمنون ـ القوم المجرمين ـ قوم يتفكرون ـ قوم يعقلون ـ قوم لا يعقلـون ـ قوم يسمعون ـ قوم لا يسمعون ـ المتكبرين ـ المنافقين ـالمنافقات ـ قوم سوء ــ قوم يعلمون ــ قوم لا يعلمــون ـ قوم يتقـون ــ قوم لا يفقهون ـ قوم عدو لكم ـ قوم بينكم وبينهم ميثاق ـ اليتامـى ـ المساكين ـ الفقراء ـ الغارمين ـ أبناء السبيل ـ المجاهدون في سبيل الله ـ الصابرين ـ الصادقين ـ القانتين ـ الشهداء ـ المنفقين ـ المستغفرين ـ الراكعين ـ الساجدين ـ الصائمين ــ المؤلفة قلوبهم
وليس ذلك على سيبل الحصر أيضا 0
ومنها قوميات ينتسب أهلها الى بلدانهم مثل : العربي والأوربي
والتركي والصيني 00 الخ
ومنها قوميات حديثة ينتسب إليها بعض الناس مثل : الديموقراطية والاشتراكية والعلمانية 00 الخ
ومنها قوميات ينتسب إليها طوائف من المذاهب مثل : الكاثوليك والأرثوذكس والبروتستانت والانجوليون ومثل أيضا المذاهب الإسلامية مثل الشيعة وطوائفها ومذاهب السنة مثل المالكية والحنفية والشافعية والحنابلة وأهل الظاهر00الخ وكل ذلك ليس على سبيل الحصر
فالقومية كما وضحنا بإيجاز اسم مشتق من الأسماء والأفعال والبلدان والمذاهب والطوائف والأنظمة فكانت اليهـود الذين قالوا إنا هدنا إليك أي اهتدينا إليك فصاروا بهذه الصفة القـوم الذين اهتدوا لما تبعوا موسى عليه السـلام وأمنوا بما جاء به وهو عبادة الله الواحد لا شريك له وهو إسلام الوجه لله 0
والنصارى قوم من بنى إسرائيل أنزل الله تبارك وتعالى عليهم الإسلام وناصروا عيسى عليه السلام وكانوا حواري عيسى
وأمنوا بعيسى وناصروه وأمنــوا بما جاء به من عند الله في الإنجيل وكانوا على الحق وهو عبادة الله الواحد لا شريك له وهو إسلام الوجه لله0
واختلفت الشرائع والمناهج كما وضحنا 0
وأنزل الله التوراة لسيدنا موسى ولأنبياء بنى إسرائيل من بعده0وأنزل الإنجيل لسيدنا عيسى عليه السلام و لبنى إسرائيل يدعو فيهما الله إلى عبادته وحده لا شريك له فبدلوا وحرفوا وطمسوا كلام الله واستبدلوه بكتب من عند أنفسهم ونسوا حظا مما ذكروا به . فكانوا على التوحيد وإسلام الوجه لله كما أمرهــم الله وانتقلوا من عند أنفسهم بعد التحريف إلى الشرك والكفر والضلال الذي هم عليه الآن بل أنهم اخترعوا دينا يناسب أهواءهم وملذاتهم وشهواتهم وهذا لا يخفى على كثير من العقلاء0
فنقول وبالله تعالى التوفيق:
( إن الدين عند الله الإسلام )
أنزله الله على جميع خلقه برسالات وكتب على جميع أنبيائه منذ بدأ الخلق والى أن تقوم الساعة0 وهو عبادة الله الواحد الأحد الفرد الصمد لا شريك له سبحانه وتعالى عما يشركون
شبهة والرد عليها
يظن بعض الناس حتى من المثقفين والمفكرين أن خطاب الله في كتابه العزيز ( لكم دينكم ولى دين ) وأيضا قول الله تعالى مخاطبا اليهود والنصارى والمجوس والصابئين بأسمائهم على أنه إقرار منه عز وجل بأن هذا دين اختاره لهم0
والصواب : لكم دينكم الكفر الذي اتخذتموه من دون الله ولى دين الحق الذي أتبعه من عند الله 0 وليس هذا إقرار بأنه دين اختاره الله لهم بل وصفهم في أول السورة بأنهم كافرون0
واليك أخي القارىء تفسير سورة الكافرون بنصها من كتاب ابن كثير ـ يقول ابن كثير في تفسيره :
هذه السورة سورة البراءة من العمل الذي يعمله المشركون وهي آمرة بالإخلاص فيه فقوله تعالى : { قل
يا أيها الكافرون } يشمل كل كافر على وجه الأرض ولكن
المواجهين بهذا الخطاب هم كفار قريش وقيل إنهم من جهلهم دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبادة أوثانهم سنة ويعبدون معبوده سنة فأنزل الله هذه السورة وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فيها أن يتبرأ من دينهم بالكلية فقال : { لا أعبد ما تعبدون } يعني من الأصنام والأنداد { ولا أنتم عابدون ما أعبد } وهو الله وحده لا شريك له فما هاهنا بمعنى من ثم قال : { ولا أنا عابد ما عبدتم * ولا أنتم عابدون ما أعبد } أي ولا أعبد عبادتكم أي لا أسلكها ولا أقتدي بها وإنما أعبد الله على الوجه الذي يحبه ويرضاه ولهذا قال { ولا أنتم عابدون ما أعبد أي لا تقتدون بأوامر الله وشرعه في عبادته بل قد اخترعتم شيئا من تلقاء أنفسكم كما قال : إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهـم الهدى فتبرأ منهم في جميع ما هم فيه فإن العابد لا بد له من معبود يعبده وعبادة يسلكها إليه فالرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه يعبدون الله بما شرعه ولهذا كان كلمة الإسلام لا إله إلا الله محمد رسول الله أي لا معبود
إلا الله ولا طريق إليه إلا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم والمشركون يعبدون غير الله عبادة لم يأذن بها الله ولهذا قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم : لكم دينكم ولي دين كما قال
تعالى :{ وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون } وقال :{ لنا أعمالنا ولكم أعمالكم } وقال البخاري يقال{ لكم دينكم } الكفر { ولي دين } الإسلام ولم يقل ديني لأن الآيات بالنون فحذف الياء كما قال : فهو يهدين } ويشفين وقال غيره : لا أعبد ما تعبدون الآن ولا أجيبكم فيما بقي من عمري ولا أنتم عابدون ما أعبد وهم الذين قال : وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا انتهى ما ذكره ونقل ابن جرير عن بعض أهل العربية أن ذلك من باب التأكيد كقوله : { فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا }
وكقوله { لترون الجحيم * ثم لترونها عين اليقين } وحكاه بعضهم كابن الجوزي وغيره عن ابن قتيبة فالله أعلم فهذه ثلاثة أقوال ( أولها ) ما ذكرناه أولا والثاني ) ما حكاه البخاري وغيره من المفسرين أن المراد { لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما أعبد } في الماضــي { ولا أنا عابد ما عبدتم * ولا أنتم عابدون ما أعبد } في المستقبل( الثالث ) إن ذلك تأكيد محض( وثم قول رابع ) نصره أبو العباس بن تيمية في بعض كتبه وهو أن المراد بقوله : { لا أعبد ما تعبدون } نفي الفعل
لأنها جملة فعلية { ولا أنا عابد ما عبدتم } نفي قبوله لذلك بالكلية لأن النفي بالجملة الاسمية آكد فكأنه نفي الفعل وكونه قابلا لذلك ومعناه نفي الوقوع ونفي الإمكان الشرعي أيضا وهو قول حسن أيضا والله أعلم وقد استدل الإمام أبو عبد الله الشافعي وغيره بهذه الآية الكريمة { لكم دينكم ولي دين } على أن الكفر ملة واحدة فورث اليهود من النصارى وبالعكس إذ كان بينهما نسب أو
سبب يتوارث به لأن الأديان ما عدا الإسلام كلها كالشيء الواحد في البطلان وذهب أحمد بن حنبل ومن وافقه إلى عدم توريث النصارى من اليهود وبالعكس لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : [ قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يتوارث أهل ملتين شيء ]
آخر تفسير سورة قل يا أيها الكافرون ***********************
اللهم انى بلغت اللهم فاشهد وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
المصادر :
دقائق التفسير لا بن تيمية0
الفصل لابن حزم0
تفسير القرطبي0
مختار الصحاح0
تفسير ابن كثير0
***********************
رقم الإيداع بدار الكتب المصرية (13775/2008)
حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
0161582029ـ 0663733456
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق